ولا يجوزُ أن يَبقَى مسلِمٌ بلا بَيْعةٍ لإمامٍ؛ إلا إنْ كان في أرضٍ ليس فيها حاكمٌ مُسلِم، أو كان فيها نزاعٌ على الولاية ولم يتمكَّنْ فيها أحد.
ولا يجوزُ أن يُخرَجَ على الحاكِمِ المسلِمِ ما لم يأتِ بكفرٍ بَوَاحٍ؛ وقد قال عُبَادةُ بن الصامتِ -رضي الله عنه-: "بَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ؛ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا وَيَسْرِنَا، وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَأَلَّا نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ"، قال:(إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا؛ عِنْدَكُمْ مِنَ اللهِ فِيهِ بُرْهَانٌ)(١).
ولا يجوزُ الخروجُ بشبهةِ كفرٍ أو توهُّمِ مكفِّر؛ ولذا قال في الحديثِ:(بَوَاحًا؛ عِنْدَكُمْ مِنَ اللهِ فِيهِ بُرْهَانٌ).
والبَيْعةُ؛ إنما هي للحاكِمِ المسلِمِ بالمعروف، وأمَّا الكافِرُ: فلا تصحُّ له بَيْعةٌ أصلًا، والطاعةُ له تكونُ بما يُقِيمُ الدنيا، ويَحفَظُ حُرُماتِ الناسِ وحقوقَهم، وما يَحفَظُ العدلَ الذي أمَرَ اللهُ به.
وكان السلَفُ يعظِّمُونَ أبوابَ السمعِ والطاعةِ للأئمَّةِ، ويَجعَلُونَها في أبوابِ العقائدِ؛ لأنَّها مِن المسائِلِ التي خالَفَتْ فيها الفِرَقُ البدعيَّةُ؛ فأصبَحَتْ عَلَمًا وفارِقًا بين أهلِ السُّنَّةِ وغيرِهم مِن الطوائفِ؛ كالخوارجِ والمعتزِلة.
* الخُرُوجُ على الأَئِمَّةِ وأحوالُه:
والفتنةُ بالخروجِ على أئمَّةِ الجَوْرِ المسلِمِينَ شرٌّ أعظَمُ مما يُرجَى دفعُه، والخروجُ عليهم يُتساهَلُ في أوَّلِهِ، والشَّرُّ كامِنٌ في آخِره.