للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَكَذَا يَوْمًا لَا تُصَلِّي للهِ سَجْدَةً) (١) فصار تركُ الطاعةِ -ولو كان بأمرٍ خارجٍ عن الإرادةِ- مؤثِّرًا على الإيمانِ، فكيف بتَرْكِ النوافِلِ التي يُسَنُّ فِعْلُها، وقد قال أحمدُ: "إذا عَمِلْتَ الخيرَ زادَ، وإذا ضَيَّعْتَ نَقَصَ" (٢)، ونقَلَ صالحٌ عن أبيه أحمدَ: "نُقْصَانُهُ بتَرْكِ العَمَل" (٣).

* زوال الإيمان وكماله:

والإيمانُ ينقُصُ حتَّى يَزُولَ كُلُّه، ويَزِيدُ ولكنْ لا يبلُغُ أحدٌ مرتبةَ الكمالِ التامِّ، والكمالُ ممكِنٌ لكنَّه لا يحصُلُ في الناسِ؛ فإمكانُ الشيءِ شيءٌ، وحصولُهُ شيءٌ آخَرُ، واستثنى إسحاقُ الأنبياءَ؛ فرَأَى أنه يُشهَدُ لهم باستكمالِ الإيمانِ، وبُلوغِ غايتِه، ولكن الأنبياء يتفاضَلُون فيما بينهم في الإيمانِ المستحَبِّ؛ ولهذا قال مالِكٌ: "ليس للإيمانِ مُنتَهًى؛ هو في زيادةٍ أبدًا" (٤).

وقال سَلْمانُ الفارِسِيُّ: "لو تقطَّعْتَ أعضاءً، ما بَلَغْتَ الإيمانَ! " (٥).

* نُقصان الإيمان عند مالك:

ولا يَختلِفُ القولُ عن مالكِ بنِ أنَسٍ في زيادةِ الإيمانِ، وله في نقصانِهِ روايتانِ:

الأولى: القولُ بنقصانِهِ؛ وقد حكاها عنه ابنُ نافعٍ، ومحمَّدُ بنُ


(١) البخاري (٣٠٤)، ومسلم (٨٠) من حديث أبي سعيد، ومسلم (٧٩) من حديث ابن عمر، و (٨٠) من حديث أبي هريرة.
(٢) "السُّنَّة" للخلال (١٠١٣).
(٣) "مسائل أحمد" (٦٨١ و ١٥١٩).
(٤) "السُّنَّة" لعبد الله (٦٨٧ و ٧٣٧).
(٥) "تعظيم قدر الصلاة" (٨٠١)، و"السُّنَّة" للخلال (١٥٤٧).

<<  <   >  >>