قال تعالى:{وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى}[النجم: ٢٦]؛ فالكافِرُ لا يَشفَعُ، ولا يُشفَعُ له؛ لأنَّ الله لا يرضى عن الكافِرِينَ؛ كما قال تعالى:{فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ}[التوبة: ٩٦]، والشفاعةُ لا بُدَّ فيها مِن رضاهُ سبحانَهُ، والكافِرُ لا يَنتفِعُ بالشفاعةِ؛ كما قال تعالى:{فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ}[المدثر: ٤٨].
وقد أنكَرَ بعضُ الطوائفِ الشفاعةَ بحسَبِ أصولِهم، وفرَّعوا على ذلك نَقْضَها وإبطالَها، ومنهم: مَن يُنكِرُها عامَّةً، ومنهم: مَن يُنكِرُ بعضَها:
فالخوارجُ والمعتزِلةُ لا يَرَوْنَ صاحبَ الكبيرةِ مؤمِنًا؛ وعلى هذا: فلا شفاعةَ عندَهم للعصاةِ مِن المسلِمِينَ؛ لأنَّهم سلَبُوهم اسمَ الإيمان، ويُقابِلُهم المرجِئةُ الذين لا يَرَوْنَ الشفاعةَ للعصاة أيضًا؛ لأنَّ المعصيةَ لا تؤثِّرُ على الإيمانِ عندَهم؛ وعلى هذا: فلا يدخُلُونَ النارَ بها أصلًا، فضلًا عن تخفيفِ العذابِ عليهم؛ فلا يدخُلُ النارَ عندَ الخوارجِ والمعتزِلةِ والمُرجِئةِ إلا نَفْسٌ كافِرة.
فالخوارجُ والمعتزِلةُ والمرجِئةُ أنكَرُوا باعتبارِ ما قرَّروا.