للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونسبةُ ابنِ أبي زيدٍ في المغرِبِ لطريقةِ الأشعريِّ قديمةٌ؛ بسببِ ما تقدَّم ذكرُهُ مِن نُصْرَةِ الأشعريِّ وأصحابِهِ في سياقِ صدِّ المعتزِلةِ والجهميَّة.

وقد بيَّن أبو نَصْرٍ عُبَيْدُ اللهِ السِّجْزيُّ وهو في أوائل القرن الخامس -في رسالتِهِ "الردِّ على مَن أنكَرَ الحرفَ والصوتَ"- خطأ ظنِّ بعضِ المغارِبةِ أشعريَّةَ ابنِ أبي زَيْدٍ، وأبي الحسَنِ القابِسِيِّ؛ فرسالتُهُ على طريقةِ السلفِ؛ كما في "رسالتِهِ"، و"جامِعِهِ"، وبقيَّةِ كتبه، ومثلُهُ القابِسِيُّ كما في كتابِهِ في "الاعتقاد".

وابنُ أبي زَيْدٍ يُثبِتُ الصفاتِ للهِ على ظاهِرٍ يليقُ بالخالقِ، لا بالمخلوقِ، بلا تكييفٍ؛ وهذا ظاهِرٌ في إثباتِهِ لصفةِ اليدَيْن، والرِّضَا والسَّخَطِ والغَضَب، والنزولِ والمجيءِ، والضَّحِكِ وغيرِها.

* كتابةُ أهلِ المَغرِبِ في العقائد:

وبهذا بدَأَ علمُ الكلامِ يَظهَرُ في المغرِبِ ويَفشُو في تقريرِ بعضِ علمائِها؛ على سبيلِ الاستطراد، لا على سبيلِ التأصيل؛ فيكونُ منثورًا في ثنايا بعضِ كلامِهم وفتاويهم، وربَّما جرى في كلامِ بعضِ أئمَّتهم في أواخِرِ القرنِ الرابعِ والخامسِ ممَّن هو على طريقةِ السلَف، ويحذِّرُ مِن علمِ الكلامِ؛ فأدرَكَهُ بعضُهُ في فروعِ تقريراتِه، لا في تأصيلاتِه.

ولهذا بدَأَ المغارِبةُ بالكتابةِ في العقائِدِ وأصولِ الدِّينِ وبيانِ الحَقِّ فيما اعتُقِدَ خلافُهُ مِن الباطلِ، مِن غيرِ تخصيصِ القائلِ بتلك البِدْعة، وهده عادةُ العلماءِ عند بدءِ ظهورِ البِدَعِ مِن المغمورِ: تقريرُ السُّنَّةِ وإبطالُ البِدْعةِ، مِن غيرِ ذكرِ صاحبِها؛ حتى لا يُدَلُّ عليه:

فمنهم: مَن كتَبَ بأعيانِ البدعِ؛ كمحمَّدِ بنِ سُحنون في كتابه "الحُجة على القَدَرية"، وكيحيى بنِ عُمر الكِنْديِّ السُّوسيِّ في كُتُبِه: "الرَّدِّ

<<  <   >  >>