للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يحيى، وغيرُهما (١).

والثانيةُ: يُمسِكُ فيها عن الكلامِ في نقصانِهِ (٢)؛ لا لعدَمِ تحقُّقه، وإنَّما لأنَّ النصوصَ لم تنُصَّ عليه بلفظِه، فأرادَ الامتثال.

ومَن نقَلَ عنه أنَّه يقولُ بعدَمِ نقصانِ الإيمانِ والجزمِ بذلك، فقد أخطَأَ في النقلِ أو في فهمِ قولِه.

وكان ابنُ أبي زيدٍ -كما في "الجامع" (٣) - يَجعَلُ توقُّفَ مالكٍ عن النقصانِ خوفًا مِن الذريعةِ أن تُتأوَّلَ أنه ينقُصُ حتى يَذهَبَ كلُّهُ؛ فيَؤُولُ ذلك إلى قولِ الخوارجِ الذين يُحبِطُونَ الإيمانَ بالذنوب، ويَجعَلُ قولَ مالكٍ في النقصِ فيما وقَعَتْ فيه الزيادةُ؛ وهو العمَلُ؛ ولهذا نقَلَ عنه ابنُ أبي زيدٍ أنَّه قيل لمالكٍ: "فبعضُهُ -يعني: الإيمانَ- أفضَلُ مِن بعض؟ قال: نَعَمْ" (٤).

* الاستثناءُ في الإيمانِ:

ولمَّا كان الإيمانُ شيئًا واحدًا عند طوائفَ مِن المرجِئةِ، فلا يَرَوْنَ أنَّ الإيمانَ يزيدُ وينقُصُ-: تَبِعَ ذلك عندهم القولُ بعدَمِ الاستثناءِ في الإيمان، وهو أنَّ المؤمِنَ يقولُ: "أنا مُؤمِنٌ"، ولا يستثني، فيزيدُ على ذلك: "إنْ شاءَ اللهُ"، ومنهم: مَن يَمنَعُ مِن الاستثناءِ ويحرِّمُه.

والذي عليه عامَّةُ السلفِ: الاستثناءُ في الإيمانِ؛ لأنَّ الإيمانَ يزيدُ


(١) "مسائل حرب" (١٥٦٨)، و"السُّنَّة" لعبد الله (٢١٣ و ٦٣٦)، و "السُّنَّة "للخلال (١٠١٤ و ١٠٨٢)، و "القضاء والقدر" (٥٧٢).
(٢) "الجامع" لابن أبي زيد (ص ١٢١)، و"الانتقاء" (ص ٣٣)، و"التمهيد" (٩/ ٢٥٢)، و"ترتيب المدارك" (٢/ ٤٣)، و"المقدمات الممهدات" (١/ ٥٧).
(٣) "الجامع" (ص ١٢٢).
(٤) الموضع السابق.

<<  <   >  >>