للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* مِن أدلة القائلينَ بخَلقِ القرآن:

هذا؛ ويستدِلُّ الجَهْمِيَّةُ والمعتزِلةُ على خَلْقِ القرآنِ بعموماتِ القرآنِ وإطلاقاتِه:

- وذلك: كإدخالِ القرآنِ في عمومِ خَلْقِ اللهِ لكلِّ شيءٍ في قولِه: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الرَّعْد: ١٦، والزُّمَر: ٦٢]؛ لأنَّهم يَرَوْنَ كلامَ الله شيئًا غيرَ الله، فيُدخِلُونَهُ في غيرِه.

لكنَّ كلامَهُ منه، ثُمَّ إنَّه قد جاء في القرآنِ والحديثِ: أنَّ اللهَ شيءٌ؛ كقولِه تعالى: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ} [الأنعام: ١٩]؛ فهل يجوزُ أن يقالَ: إنَّ الله تعالى خلَقَ نَفْسَه؟ ! ومِثلُه: القرآنُ، فيسمَّى شيئًا؛ كما في قولِه تعالى: {أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ} [الأنعام: ٩٣]، وفي حديثِ سَهْلٍ؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: (أَمَعَكَ مِنَ القُرْآنِ شَيْءٌ؟ ) (١)، فإذا لم يدخُلِ اللهُ في الشيءِ المخلوقِ، فكذلك كلامُه؛ لأنَّه منه.

وكذلك: فإنَّ العمومَ يُطلَقُ في القرآنِ، وله ما يخصِّصُهُ مِن الحِسِّ وغيرِه؛ كقولِهِ تعالى عن رِيحِ قَوْمِ عادٍ: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} [الأحقاف: ٢٥]، وقولِ الله تعالى عن بِلْقِيسَ: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [النَّمْل: ٢٣]؛ وهذا لا يُمكِنُ القولُ بعمومِه.

- ومِن الأخذِ بالعموماتِ عند الجَهْمِيَّةِ والمعتزِلةِ: استدلالُهم على خَلْقِ القرآنِ بقولِهِ تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} [الفرقان: ٥٩، والسَّجْدة: ٤]؛ لأنَّ القرآنَ موجودٌ بينهما.

ولو قِيلَ بالعمومِ، لَلَزِمَ القولُ بأنَّ ما كان فوقَ السمواتِ غيرُ


(١) البخاري (٥١٣٢ و ٥١٣٥ و ٥١٤٩ و ٧٤١٧)، ومسلم (١٤٢٥)، واللفظ للبخاري.

<<  <   >  >>