للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خَلقِه الدالِّ عليه" (١)؛ لأنَّ التفكُّرَ في الأسماءِ يؤدِّي لمعرِفةِ آثارِها، والعمَلِ بمقتضاها، وهو الإحصاءُ المقصودُ بقولِهِ -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ للهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا؛ مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ) (٢).

وقد قال سُحْنُونٌ: "مِنَ العلمِ باللهِ: الجهلُ بما لم يُخبِرْ به اللهُ عن نفسِه".

وبنحوِهِ قال ابنُ أبي زَمَنِينَ.

* أنواعُ ظاهرِ الصفاتِ:

وظاهِرُ الصفاتِ عند السلفِ نَوْعانِ:

النوعُ الأوَّلُ: ظاهِرٌ يليقُ بالمخلوقين؛ فهذا يَنفُونَهُ ولا يُثبِتُونَه؛ لأنَّ اللهَ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ١١].

النوعُ الثاني: ظاهِرٌ يليقُ بالخالِقِ، وهذا الذي يُثبِتُونَهُ ولا يَنفُونَه.

وإثباتُهم لهذا النوعِ مِن ظاهرِ الصفاتِ، لا يعني مشابَهةَ الخالقِ للمخلوقِ، وإنما يُريدونَ: أنْ يجعلوا للصفةِ حقيقةً تليقُ بالله، لا تفسيرًا غيرَ الظاهرِ بتأويلِهِ إلى معنًى آخَرَ؛ كتفسيرِ الوجهِ بالذاتِ، واليَدِ بالقُدْرة؛ فهم يَجعَلُونَ صفةَ الوجهِ صفةً حقيقيَّةً تليقُ بالله، لا تشابِهُ المخلوقَ، واليدَ صفةَ حقيقيَّةً تليقُ بالله، لا تشابِهُ المخلوقَ، وينفون عِلْمَهُمْ بالكيفيَّة، ويقولون: إنَّ نفيَ الكيفيَّةِ لا يعني عدَمَ وجودِها، ولكنْ عدَمَ عِلمِها؛ فلا يَعلَمُها الناسُ.

وظنَّ بعضُ المتكلِّمينَ: أنَّ إثباتَ حقيقةِ الصفاتِ اللائقةِ باللهِ،


(١) "جامع بيان العلم" (١٧٦٩).
(٢) سبق تخريجه.

<<  <   >  >>