للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والحَوْضُ قبلَ الصراطِ في المَوقِفِ عند طُولِ المقامِ، بعد البَعْثِ ودُنُوِّ الشمسِ وشِدَّةِ العطش؛ فذلك أعظَمُ في المِنَّة، وأظهَرُ في النعيم.

والأظهَرُ: أنَّ للأنبياءِ حوضًا لهم ولأَمَمِهم، ولم يثبُتْ تخصيصُ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- به، وأنَّه ليس للأنبياءِ مِثْلُه، والموقفُ فيه أنبياءُ وأولياءُ مِن غيرِ الأُمَّةِ، وحوضُ النبيِّ خاصٌّ به وبأمَّته، ومقتضَى رحمةِ اللهِ وفضلِهِ: عمومُ ذلك لأمثالِهم، وإنِ اختلَفَ النوعُ والسَّعَة؛ فالحاجةُ في ذلك الموقفِ عامَّةٌ لهذه الأمَّةِ وغيرِها.

وقد أنكَرَ الحوضَ بعضُ المادِّيِّينَ والمعتزِلةِ (١)، مع كثرةِ الأدلَّةِ وتواتُرِها؛ وهذا مِن أعظَمِ البِدَعِ والضلالِ أنْ يُرَدَّ الدليلُ للنظر.

* حقيقةُ الإيمان:

* قَالَ ابْنُ أَبي زَيْدٍ: (وَأَنَّ الإِيمَانَ: قَوْلٌ بِاللِّسَانِ، وَإِخْلَاصٌ بِالقَلْبِ، وَعَمَلٌ بِالجَوَارِح):

الإيمانُ: قولٌ وعمَلٌ واعتقادٌ؛ وهذه حقيقتُهُ؛ فللإيمانِ ظاهِرٌ وباطِنٌ؛ وهما متلازِمان، الباطنُ: الاعتقاد، والظاهِرُ: قولُ اللسانِ، وعمَلُ الجَوَارِح، وإنِ اختلَفَتْ عباراتُ السلفِ في بيانِ ذلك، إلا أنَّهم لا يَختلِفُونَ على حقيقةِ الإيمانِ تلك، وقد حكَى ابنُ عبد البَرِّ الإجماعَ على ذلك (٢).

وقد كان مالكٌ يعبِّرُ عن ذلك بعباراتٍ:

فتارَةً يقولُ: الإيمانُ: المعرِفةُ، والإقرارُ، والعمَل (٣).


(١) "التمهيد" لابن عبد البر (٢/ ٢٩١)، و"الانتصار" للعمراني (٣/ ٧٢٠).
(٢) "التمهيد" (٢/ ٢٩١ و ٩/ ٢٣٨ و ٢٤٣).
(٣) "مسائل حرب" (١٦١٠)، و"السُّنَّة" لعبد الله (٦١٢).

<<  <   >  >>