للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإنْ تقارَبَتْ أو شَكَّ، توقَّف واعتزَلَ؛ فهو أسلَمُ لدِينِه ونَفْسِه.

والخوارِجُ يَجعَلُون رأيَهم دِينًا، والزنادقةُ يَجعَلُونَ الدِّينَ رأيًا، وأهلُ السُّنَّةِ يَفرُقُونَ بين الدِّينِ والرَّأْي، ومواضِعِ القطعِ ومواضِعِ الاجتهاد، وأئمَّةُ الجَوْرِ والمُرجِئةُ يُحِبُّونَ الإكثارَ مِن ذَمِّ الخوارِج، والخوارِجُ يُحِبُّونَ الإكثارَ مِن ذمِّ أئمَّةِ الجَوْرِ والمُرجِئة.

وكُلُّ فِئَةٍ تَسحَبُ ذَمَّ الأخرى على كلِّ مخالِفِيها ولو كان وَسَطًا بينهم مِن أهلِ الاعتدال.

والعالِمُ المُنصِفُ لا يتكلَّمُ بما تُحِبُّهُ كُلُّ فئةٍ في خَصْمِها، بل بما يُحِبُّهُ اللهُ فيهم؛ فكم تأذَّى الحَقّ، بمحاباةِ الخَلْق!

* المُوازنةُ بين المُرجِئَةِ والخَوارجِ:

والمُرجِئةُ أشَدُّ خطَرًا وأثَرًا على الإسلامِ مِن الخوارجِ في البلاد، والخوارجُ أشَدُّ عليه مِن المُرجِئةِ في مواضعِ الجهاد؛ لأنَّهم يقدِّمونَ قتالَ المسلِمينَ في زمَنِ شِدَّةِ الحاجةِ بصدِّ عادِيَةِ الكافِرِين، ويُعِينُونَ -وإنْ لم يشعُرُوا- الكُفَّارَ على الإسلامِ مِن خارِجِه، والمُرجِئةُ عليه مِن داخِلِه، وبفعلِ الخوارجِ ذلك يتخلَّلُ الكفرُ والبِدْعةُ مِن خلالِ ثغورٍ شَغَلُوا المسلِمِينَ عن حِمَايَتِها، وربَّما أعانَهم الكُفَّارُ على المسلِمِينَ خديعةً بما يتوهَّمونه غنيمةً ونصرًا.

* زيادةُ الايمانِ ونقصانُه:

* قَالَ ابْنُ أَبي زَيْدٍ (يَزِيدُ بِزِيَادَةِ الأَعْمَالِ، وَيَنْقُصُ بِنَقْصِهَا؛ فَيَكُونُ فِيهَا النَّقْصُ، وَبِهَا الزِّيَادَةُ):

والإيمانُ يزيدُ وينقُصُ؛ يزيدُ بالطاعة، وينقُصُ بالمعصية، وقد عبَّر

<<  <   >  >>