للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

* معنى القَرْن:

والمرادُ بالقَرْنِ: الطَّبَقةُ، وأوَّلُهم: الصحابةُ، ثُمَّ التابِعُونَ، ثُمَّ أتباعُ التابِعِين، وليس المرادُ بذلك: القرنَ الذي هو مِئَةُ سَنَةٍ، والذي يؤرِّخُ عليه المؤرِّخون.

والقرنُ المفضَّلُ: أوَّلُهُ أفضَلُ مِن آخِرِه؛ لأنَّ فضلَهُ بفضلِ أهلِه، وفضلُ أهلِهِ بسبقِهِمْ وقُرْبِهم مِن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-.

ويَذهَبُ فضلُ ذلك القرنِ بذَهَابِ جمهورِ أهلِه.

وقد انصرَمَتْ عامَّةُ القرونِ المفضَّلةِ بأتباعِ التابعين؛ وذلك قبل تمامِ المئةِ الثانية، وليس في المئةِ الثالثةِ منهم كبيرُ أحدٍ، مع فضلِ كثيرٍ مِن أهلِها في العلمِ والعَمَل.

والفضلُ المتعلِّقُ بالقرنِ إنما هو لجمهورِهِمْ، وجمهورُ الصحابةِ كان في زمَنِ الخلفاءِ الراشِدِينَ الأربعة، ومَن بَقِيَ مِن الصحابة، فلا يُنتزَعُ فضلُهُ؛ ففضلُهُ معه ولو تأخَّر بقاؤُه.

وهكذا في التابِعِينَ، وذهَبَ جمهورُهم قبلَ تمامِ المئة.

ومِثْلُهم أتباعُ التابِعِينَ؛ فذَهَابُ جمهورِهم قُبَيْلَ منتصَفِ المئةِ الثانية، ومَن تأخَّر منهم، ففضلُهُ باقٍ معه؛ إلا أنَّ فضلَ زمانِهِ ضَعُفَ وقَلّ.

والقرنُ يُطلَقُ على الحِقْبةِ مِن الزمنِ التي يعيشُ فيها الجِيلُ مِن ولادتِهِ إلى وفاتِه، ويُطلَقُ كذلك على المئةِ عامٍ؛ ومِن ذلك: ما يُروَى عند الحاكمِ مرفوعًا: (يَعِيشُ هَذَا الغُلَامُ قَرْنًا؛ فَعَاشَ مِئَةَ سَنَةٍ) (١)؛ يعني: عبدَ اللهِ بنَ بُسْرٍ.


(١) "المستدرك" (٤/ ٥٠٠).

<<  <   >  >>