وأمَّا حُرِّيَّةُ الدِّينِ: فاللهُ تعالى كما أنه أمَرَ الناسَ كافَّةً باتباعِ نبيِّه -صلى الله عليه وسلم-، وعدَمِ الخروجِ عنه، إلَّا أنه خَصَّ أهلَ الكتابِ اليهودَ والنصارَى بعدَمِ القتالِ على الدخولِ في الإسلامِ؛ وإنَّما خيَّرهم عند قُدْرةِ المسلِمِينَ وقُوَّتِهم عليهم: بين الإسلام، أو الجِزْيةِ، أو القتال، وتجوزُ المهادَنةُ والموادَعةُ والمسالَمةُ -بينهم وغيرِهم مِن المشرِكِينَ، وبين المسلِمِينَ- بشروطِها المعروفة؛ كما بَيَّنْتُها في "التفسير"(١).
ومَن دخَلَ الإسلامَ مِن أيِّ مِلَّةٍ كانت، فلا يَسَعُهُ الخروجُ مِن الإسلامِ بحالٍ، ولا يأخُذُ أحكامَهُ السابِقةَ قبلَ دخولِ الإسلامِ لو كان يهوديًّا أو نصرانيًّا، ويجبُ على إمامِ المسلِمِينَ إقامةُ حَدِّ الرِّدَّةِ عليه، وقد استفاضت في ذلك الأحاديثُ، وبه قضَى معاذٌ وأبو موسى في اليمَنِ؛
(١) سورة البقرة آية (٢٠٨)، وسورة التوبة آية (٢٩)، ومواضع من سورة الأنفال.