فالعبادةُ هي الصلةُ التي تكونُ بين العابِدِ ومعبودِه، والمخلوقِ وخالقِه.
وأدنى دَرَكاتِ الجَهْلِ: الجهلُ بالمعبود، ثُمَّ الجهلُ بعبادتِه؛ فمَن كان جاهلًا بالله، صرَفَ العبادةَ لغيرِ الله، ومَن كان عالِمًا بالله، وجاهلًا بالعبادةِ، عبَدَ اللهَ بغيرِ ما شَرَع، ومَن كان جاهلًا بالعبادةِ والمعبود، وقَعَ في الشركِ والبدعةِ كِلَيْهما.
وقد أوجَدَ اللهُ الإنسانَ في الأرض، وجعَلَ له عقلًا لِيُبْصِرَ به دنياه، وأنزَلَ إليه النقلَ (الوَحْيَ) ليُبْصِرَ به دِينَه؛ فمَن عطَّل العقلَ، فسَدَتْ دنياه؛ كما تفسُدُ دنيا المجنون، ومَن عطَّل النقلَ، فسَدَ دِينُهُ؛ كما يفسُدُ دِينُ المحرِّفينَ وأهلِ الأهواء، ومَن أبصَرَ فسادَ دنيا فاقدِ العقل، عرَفَ كيف يكونُ فسادُ دِينِ فاقِدِ النقل.
* حفظُ العقلِ والنقلِ:
وقد فطَرَ اللهُ الإنسانَ على الاحترازِ ممَّا يُفسِدُ عقلَهُ مِن الأمراضِ والعِلَلِ؛ حتى لا تؤثِّرَ على دنياه، وبمثلِ ذلك جاءت حِيَاطةُ النقلِ مِن الأهواءِ والبِدَعِ؛ حتى لا تؤثِّرَ على الدِّين، ولكنْ لما كانت لَذَّةُ الدنيا عاجِلةً، ومتعةُ الآخرةِ آجِلةً، غلَبَ على الناسِ حمايةُ الدنيا أكثَرَ مِن حمايةِ الدين.