للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا كلُّه تأصيلٌ لقاعدةِ الجَوْهَرِ والعَرَضِ والحوادِث، وانضباطُها على الإنسانِ لا يُجِيزُ تنزيلَها على اللهِ؛ فاللهُ تعالى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشُّورَى: ١١]؛ فمَن ليس كمِثْلِهِ شيءٌ في ذاتِه، ليس كمِثْلِهِ شيءٌ في صفاتِه.

والسلَفُ يُثبِتُونَ للهِ الأسماءَ والصفاتِ؛ كما أثبَتَها اللهُ لنفسِه، وأثبَتَها له نبيُّهُ -صلى الله عليه وسلم-؛ مِن غيرِ تشبيهٍ ولا تمثيلْ، ولا تعطيلٍ ولا تكييفٍ ولا تأويلْ، والذي عليه السلفُ: إثباتُ ما أثبَتَهُ اللهُ لنفسِه، وما أثبَتَهُ له نبيُّه -صلى الله عليه وسلم-، والإيمانُ بذلك، وأنَّه على الحقيقةِ؛ فلا يؤوَّلُ، ولا يَلزَمُ مِن إثباتِ الحقيقةِ: التشبيهُ؛ كما أنه لا يَلزَمُ مِن إثباتِ ذاتِ اللهِ على الحقيقةِ: إثباتُ الشبيهِ لها، ومَن جعَلَ ذلك لازمًا، فيَلزَمُهُ إنكارُ حقيقةِ الذاتِ؛ كما يُنكِرُ حقيقةَ الصفاتِ؛ فالعِلَّةُ التي تَستوجِبُ نفيَ الحقيقتَيْنِ واحدةٌ.

* ما وَرَدَ مِن الأسماءِ والصفاتِ عن الصحابةِ والتابِعِين:

الأصلُ: ألَّا تُثبَتَ الأسماءُ والصفاتُ لله إلا بما ثبَتَ في الوحيَيْن؛ لأنَّ مسائلَ الغيب مَرَدُّها إلى علمِ الله، لا مجالَ فيها للاجتهادِ والنَّظَر؛ فاللهُ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ١١]؛ حتى يُقاسَ على غيرِه، أو يُقاسَ غيرُهُ عليه.

وأمَّا ما يُثبِتُهُ الصحابةُ مِن الصفاتِ والأسماءِ لله؛ فهم لا يقولونَ على اللهِ بلا عِلْم، وليستِ العقائدُ مِن موارِدِ النِّزَاعِ عندَهم؛ ولهذا لا يُحفَظُ عنهم خلافٌ في الأسماءِ والصفاتِ وتوحيدِ الله؛ فقَوْلُ الواحدِ في ذلك هو قولُ البَقِيَّة، ولَمَّا أَذِنَ الشرعُ لهم بالحديثِ عن بني إسرائيلَ مما لا يُخالِفُ الشريعةَ، في قولِهِ -صلى الله عليه وسلم-: (حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ،

<<  <   >  >>