للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

* تركُ المِرَاءِ والجِدَالِ:

* قَالَ ابْنُ أَبي زَيْدٍ: (وَتَرْكُ المِرَاءِ وَالجِدَالِ فِي الدِّينْ، وَتَرْكُ مَا أَحْدَثَهُ المُحْدِثُونْ):

وقد أنزَلَ اللهُ وحيَهُ كتابًا وسُنَّةً؛ ليكونَ دليلًا للعالَمِينَ إلى معرِفةِ دِينِهم، ولو كانت العقولُ المجرَّدةُ كافيةً في ذلك، لَأَمَرَ بالأخذِ بها مِن غيرِ وحيٍ ولا رسول، وكلُّ مَن أراد أن يَصِلَ إلى اللهِ بطريقٍ غيرِ وحيِهِ، فهو في ضلالٍ وتِيهٍ؛ قال تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: ١٥٣]، وقال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: ١٠٣]، وحبلُ اللهِ: وَحْيُهُ ودِينُه (١).

وكلُّ نزاعٍ وخلافٍ في الدِّينِ يجبُ ردُّهُ إلى الوحي، لا إلى الرجالِ والأذواقِ والأهواءِ؛ كما قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [النساء: ٥٩].

وقد قال عُمَرُ بن الخَطَّاب: "قد سُنَّتْ لكم السُّنَنُ، وفُرِضَتْ لكم الفرائضُ، وتُرِكْتُمْ على الواضحةِ، إلا أن تَمِيلُوا بالناسِ يمينًا وشمالًا" (٢).

* طُرُقُ معرفةِ حقِّ الله:

وكلُّ سبيلٍ يُرادُ به أن يَدُلَّ صاحبَهُ إلى ربِّه مِن غيرِ الوحيَيْنِ، فهو مما حذَّر اللهُ منه مِن تلك الأهواءِ: {وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ


(١) انظر في هذا المعنى: "تفسير ابن جرير" (٥/ ٦٤٣).
(٢) "الموطأ" (٢/ ٨٢٤).

<<  <   >  >>