للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بها؛ كالخَطَّابِيِّ في بعضِ شروحِهِ عند تعليقِهِ على بعضِ الصفاتِ (١)، وكذلك: البيهقيُّ في كتابَيْهِ: "الأسماءِ والصفات" (٢)، و"الاعتقادِ" (٣)، وكذلك: جماعةٌ مِن أهلِ الفقهِ والنظَرِ مِن الشافعيَّةِ؛ كالجُوَيْنيِّ في "الرسالةِ النِّظَامِيَّة" التي آل رأيُهُ إليها (٤)، والغَزَاليِّ في "إلجامِ العَوَامِّ" (٥)، ومِن الحنابِلة؛ كالتميميِّينَ، وابنِ عَقِيلٍ (٦)، ومَرْعِيٍّ الكَرْمِيِّ (٧)، ومِن هؤلاءِ: مَن يَضطَرِبُ؛ فيؤوِّلُ في موضِعٍ تارَةً، ويفوِّضُ في موضِعٍ آخَرَ تارَةً.

وليس مِن السلامةِ: تركُ مرادِ اللهِ في كلامِهِ؛ كما يزعُمُه المفوِّضةُ؛ فإنَّ تركَ حقائقِ النصوصِ ومَعَانِيهَا الصحيحةِ: هلاكٌ، لا سَلَامة؛ لأن التفويضَ مبنيٌّ على التعطيل.

والمعتزِلةُ الذين هم أسبَقُ في علمِ الكلامِ مِن الأشاعِرةِ يَعرِفُونَ الفرقَ بين مذهبِ السلفِ وبين مذهب الكُلَّابيَّةِ في الصفاتِ الخبريَّة؛ فالأشاعِرةُ يَجعَلُونَ السلَفَ مفوِّضةً؛ تمسُّكًا ببعضِ الإطلاقاتِ المشتَبِهةِ مِن أقوالِهم، والمعتزِلةُ يفرِّقونَ بين مذهبِ الكُلَّابيَّةِ في التفويضِ، وبين مذهبِ السلَفِ أهلِ الحديثِ في إثباتِ حقيقةِ الصفاتِ الخبريَّة بل والعقلية.

* الغُلُوُّ في التنزيهِ يؤدِّي إلى توهُّم التعظيم في التفويضِ والتعطيل:

لمَّا كَثُرَتِ المذاهبُ البدعيَّةُ في التشبيهِ والتأويلِ والتحريفِ، كان التفويضُ عند بعضِهم مخلِّصًا منها؛ فتوهَّم تعظيمَ اللهِ بتفويضِ معاني نصوصِ الصفاتِ إليهِ أو تعطيلِها؛ وهذا الدافعُ قديمٌ؛ فقد ذُكِرَ عند


(١) "معالم السُّنَّة" (٣/ ١٦٥).
(٢) "الأسماء والصفات" (٢/ ٣٠٣).
(٣) "الاعتقاد" (ص ١١٨ - ١٢٠).
(٤) "العقيدة النظامية" (ص ٣٢ - ٣٤).
(٥) "إلجام العوام" (ص ٤٢ - ٤٧).
(٦) انظر: درء التعارض (١/ ١٥).
(٧) كما في رسالته "أقاويل الثقات" (ص ٦١ - ٦٥).

<<  <   >  >>