للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَجْهِ اللهِ تَعَالَى) (١)، قِيلَ لِمَالِكٍ: أَيُرَى اللهُ -عز وجل- يَوْمَ القِيَامَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ؛ يَقُولُ اللهُ -عز وجل-: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: ٢٢ - ٢٣] , وَقَالَ -عز وجل- فِي أُخْرَى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: ١٥]، قَالَ مَالِكٌ: قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ: دُونَ اللهِ سُبْحَانَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ سَبْعُونَ أَلْفَ حِجَابٍ" (٢).

* الجَنَّةُ والنَّارُ، ولِمَنْ أَعَدَّهُما اللهُ:

* قَالَ ابْنُ أَبي زَيْدٍ: (وَهِيَ الَّتِي أَهْبَطَ مِنْهَا آدَمَ نَبِيَّهُ وَخَلِيفَتَهُ إِلَى أَرْضِهْ، بِمَا سَبَقَ فِي سَابِقِ عِلْمِهْ، وَخَلَقَ النَّارَ فَأَعَدَّهَا دَارَ خُلُودٍ لِمَنْ كَفَرَ بِهْ، وَأَلْحَدَ فِي آيَاتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهْ، وَجَعَلَهُمْ مَحْجُوبِينَ عَنْ رُؤَيَتِهْ):

ذكَرَ اللهُ الجَنَّةَ التي أدخَلَها آدَمَ وزوجَهُ، ولم يقيِّدْ: {قُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة: ٣٥].

والأصلُ: كونُها جَنَّةَ الخُلْدِ التي يَؤُولُ إليها أمرُ المؤمِنِينَ جميعًا، وقد كان آدمُ وحَوَّاءُ -ومعهم عَدُوُّهم إبليسُ- في جَنَّةِ السماءِ؛ ولهذا أهبَطَهم اللهُ إلى الأرضِ؛ فقال: {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا} [البقرة: ٣٨]، وقال: {وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [البقرة: ٣٦]، وقد ثبَتَ في "الصحيح": أنَّ آدَمَ تُطلَبُ منه الشفاعةُ في الموقفِ يومَ القيامةِ، فيَعتذِرُ منها، ثم يقولُ: (وَهَلْ أَخْرَجَكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَّا خَطِيئَةُ أَبِيكُمْ آدمَ؟ ! ) (٣)؛ فدَلَّ على أنَّ الجنةَ التي خرَجَ منها هي التي سيَعُودُونَ إليها.


(١) "الجامع" (ص ١٠٩).
(٢) "الجامع" (ص ١٢٣ - ١٢٤).
(٣) مسلم (١٩٥).

<<  <   >  >>