للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رَدَّ عليه: "سَتَعْلَمُ أيُّنا أَوْلَى بها"! (١)، وكما قال شَبِيبٌ الخارِجِيُّ: "مِن دِينِنا: قَتْلُ مَن كان على غيرِ رَأْيِنا؛ مِنَّا كان أو مِن غيرِنا" (٢)! حتى إنَّهم لا يحابُونَ قريبًا ولا بعيدًا بفَهْمِهم؛ حتَّى إنَّ الأَزْرَقَ والِدَ نافِعٍ -وكان رَجُلًا سنِّيًّا- لما ماتَ، لم يصلِّ عليه نافِعٌ! (٣).

وثَبَاتُهم على باطِلِهم بسببِ شِدَّةِ ثِقَتِهم في فَهْمِهم لكتابِ الله، وقد كانوا يَرَوْنَ أنفسَهم أعلَمَ بكتاب الله من عليِّ بنِ أبي طالِبٍ! وهم لم يَقصِدُوا معارَضةَ القرآنِ، ولكنَّهم فَهِمُوهُ بالخَطَأِ، فتعصَّبُوا لفَهْمِهم، وفي الخوارِجِ مِن صلابةِ الرأيِ وضعفِ السياسةِ ما يستخدِمُهم به أهلُ الكتابِ والرافضةُ على المسلِمِينَ، وهم لا يشعُرُونَ.

ومِن الصحابةِ: مَن يُشفِقُ على حالِهم؛ لشِدَّةِ تمسُّكِهم بباطِلٍ يتوهَّمُونَهُ حقًّا؛ فقد دمَعَتْ عَيْنَا أبي أُمَامةَ لمَّا رآهم قَتْلَى؛ فسُئِلَ عن ذلك؟ فقال: "رَحْمةً لهم؛ لأنَّهم كانوا مِن أهلِ الإسلام" (٤).

* الصِّفَةُ الجامِعةُ للخَوارجِ:

ولا يَجمَعُ الخوارِجَ مِن الصفاتِ إلا صِفَتَانِ:

- التكفيرُ بغيرِ مكفِّرٍ.

- واستباحةُ الدَّمِ بذلك.

وأمَّا ما يذكُرُهُ بعضُ الفقهاءِ مِن عقائدِ الخوارجِ وضلالاتِهم، ولا يذكُرُهُ الآخَرُ، فلِأَنَّ كُلَّ فقيهٍ أضاف وصفًا رآهُ فيهم أو بلَغَهُ عنهم؛


(١) "تاريخ الطبري" (٥/ ٨٧)، و"البداية والنهاية" (١٠/ ٥٨٨).
(٢) "تاريخ الطبري" (٦/ ٢٨١).
(٣) "أنساب الأشراف" (٧/ ١٥٤).
(٤) عبد الرزاق (١٨٦٦٣)، وابن أبي شيبة (٣٩٠٤٧).

<<  <   >  >>