للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ} [النساء: ٤٧]، وقد خاطَبَهُمُ الله في القرآنِ كثيرًا بـ: "يا أهلَ الكتابِ"، وبـ "يا بَنِي إسرائيلَ".

* حكمُ اتِّباعِ دِينٍ غيرِ الإسلام:

ومَن زعَمَ: أنَّ أحدًا مِن الناسِ بعد النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، يجوزُ له اتِّبَاعُ ما شاء مِن الشرائعِ والكتبِ الأُخرى، وأنْ يَتديَّنَ للهِ بغيرِ الإسلام، وأنه ناجٍ في الآخِرة، مع عِلْمِهِ بالرسالةِ المحمَّديةِ -: فهو كافرٌ بالله؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: (وَالَّذِي نَفْسُ مُحمَّدٍ بِيَدِه، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ) (١).

وعدَمُ تجويزِ بقاءِ اليهوديِّ والنَّصْرانيِّ على مِلَّتِه، لا يعني تعيُّنَ قَتْلِه، بل عدَمُ الجوازِ: لبيانِ كفرِهِ، وعدَمِ صحةِ عَمَلِه، وأنَّ مَن قامت عليه الحُجَّةُ، فهو مِن أهلِ النارِ إنْ مات على مِلَّتِه، ولا يَنفَعُهُ إيمانُهُ برسالةِ محمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم-؛ إذا كان لم يَتَّبِعْها وَينْقَدْ لها؛ كمَنْ يرى أنَّها خاصَّةٌ بالعرَب، أو أنَّ الناسَ يُخيَّرونَ بين المِلَلِ، وكلُّها تؤدِّي إلى الجنَّة؛ فقد بيَّن اللهُ نسخَ جميعِ الشرائعِ السابقة، وأخبَرَ بتحريفِ ما سبَقَ مِن الكتبِ ممَّا بأيدي أهلِ الكتاب.

* والكفرُ -حينئذٍ- جاء مِن جهاتٍ، أعظَمُها:

الأُولى: عدَمُ اتباعِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وتجويزُ الخروجِ عن رسالتِه، وأنَّ الأوامرَ المتواتِرةَ في الكتابِ والسُّنَّةِ باتباعِهِ لا معنَى لها عندَهم.

الثانية: الإيمانُ بصِحَّةِ كُتُبٍ أخبَرَ الله بتحريفِها، ونَسْخِها بالقرآن؛


(١) مسلم (١٥٣) من حديث أبي هريرة.

<<  <   >  >>