للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا تكذيبٌ للهِ ولرسولِه، ورُوِيَ أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- وجَدَ قِطْعةً مِن التَّوْراةِ معَ عُمَرَ بنِ الخَطَّاب، فقال له: (لَوْ كَانَ مُوسَى حَيًّا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ، مَا حَلَّ لَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي) (١)، حتى إنَّ عيسى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- يَنزِلُ في آخِرِ الزمان، ويقتُلُ الدَّجَّالَ والخِنْزِيرَ، ويَكسِرُ الصليبَ، ولا يقضي إلا بشريعةِ محمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- (٢).

الثالثةُ: أنَّ كلَّ جهادِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- للأممِ الكافِرةِ يهودًا ونصارَى، ومشرِكِينَ ومَجُوسًا: أنه عُدْوانٌ، وأنَّ قتالَهم كان سفكًا لدمٍ معصومٍ، وغنائِمُهُمْ سَلْبٌ لمالٍ معصوم، وسَبيُهُمُ استعبادٌ لأنفُسٍ حُرَّة؛ إذْ إنَّه قاتَلَهُمْ وهم غيرُ مُلزَمِينَ برسالتِه؛ وهذا كفرٌ عظيم، وضلالٌ مُبِين.

الرابعةُ: أنَّ جميعَ الأحكامِ في الشريعةِ التي تدُلُّ على تمايُزِ المسلِمِينَ عن الكفَّارِ -أو بعضِهم- باطلةٌ، كأبوابِ المُوالَاةِ والمُعادَاة، والنِّكَاحِ والذبائح، والدِّيَاتِ والمواريث، وأحكامِ الرِّدَّةِ ودخولِ البيتِ الحرامِ، والقَرَارِ بجزيرةِ العرَب، وغيرِ ذلك.

وأمَّا كونُ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- خاتَمَ الأنبياء، ولا نبيَّ بعدَهُ: فلقولِهِ تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: ٤٠]، وقولِهِ -صلى الله عليه وسلم- في "الصحيحَيْنِ": (أَنَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ) (٣)، وفيهما مِن حديثِ سعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ، أنَّ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال لعليٍّ: (مَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي) (٤).

وكلُّ دَعْوةٍ للنبوَّةِ بعدَهُ، فهي كَذِب، ومُدَّعِيها كافِرٌ، يُحكَمُ بقتلِهِ ولو زعَمَ أنَّه لا يخرُجُ عن هديِ الأنبياءِ وأنَّه لا جديدَ لَدَيْهِ عنهم؛ لأنَّ وحيَ


(١) ابن أبي شيبة (٢٦٩٤٩)، وأحمد (٣/ ٣٨٧ رقم ١٥١٥٦).
(٢) البخاري (٢٢٢٢)، ومسلم (١٥٥) من حديث أبي هريرة.
(٣) البخاري (٣٥٣٥)، ومسلم (٢٢٨٦) من حديث أبي هريرة.
(٤) البخاري (٤٤١٦)، ومسلم (٢٤٠٤).

<<  <   >  >>