للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لظَنِّيٍّ؛ وهذا مِن الأمورِ التي يَغفُلُ فيها العوامُّ، وربَّما بعضُ المتعلِّمينَ: بإنزالِ أشراطِ الساعةِ على حوادثَ وأعيانٍ، ثم يَعمَلُونَ بمقتضى تنزيلِهم، ويظُنُّونَ أنَّهم يَعمَلُونَ بالنصِّ الثابتِ، وهم يعملونَ بظنِّهم، لا بالنصِّ، وكثيرًا ما سُفِكَتْ دماءٌ، ووقَعَتْ فِتَنٌ في الناس، واستُبِيحَتْ حُرُماتٌ؛ بسبَبِ ذلك.

وتجويزُ السلفِ لتنزيلِ أشراطِ الساعةِ، بابٌ غيرُ البابِ الذي يَتبَعُهُ عمَلٌ وتشريع؛ فإنَّهم كانوا ينزِّلُونَ ذلك على بعضِ الحوادثِ والأشخاصِ؛ لأنَّ ذلك مِن بابِ الاحتياط، ثُمَّ إنَّهم يَجعَلُونَ ذلك استئناسًا، لا أصلًا يَستقِلُّ به العمَلُ والتَّرْك.

وقد جعَلَ اللهُ للساعةِ أماراتٍ؛ رحمةً بالناسِ لِيعتَبِرَ مَن أُرِيدَ له الاعتبار، ويَرجِعَ مَن كُتِبَ له العَوْدة؛ حتى لا تقومَ الساعةُ إلا وقد انقطَعَتْ أعذارُ الناس، وقامتِ الحُجَجُ الشرعيَّةُ والكونيَّةُ عليهم.

وعلمُ الساعةِ عند اللهِ لا يجلِّيها لوقتِها إلا هو؛ قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ} [لقمان: ٣٤]، وقال تعالى: {لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ} [الأعراف: ١٨٧]، ومَن زعَمَ علمَهُ أو ادَّعَى لغيرِهِ العلمَ بيومٍ معيَّنٍ محدودٍ تقومُ فيه الساعةُ، فقد كفَرَ بالله، وكذَّبَ خَبَرَه.

* الحسابُ والعقابُ:

* قَالَ ابْنُ أَبي زَيْدٍ: (وَأَنَّ اللهَ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- ضَاعَفَ لِعِبَادِهِ المُؤْمِنِينَ الحَسَنَاتْ، وَصَفَحَ لَهُمْ بِالتَّوْبَةِ عَنْ كَبَائِرِ السَّيِّئَاتْ، وَغَفَرَ لَهُمُ الصَّغَائِرْ، بِاجْتِنَابِ الكَبَائِرْ، وَجَعَلَ مَنْ لَمْ يَتُبْ مِنَ الكَبَائِرِ صَائِرًا إِلَى مَشِيئَتِهِ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨]):

<<  <   >  >>