للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* ويُشرَعُ نُصْحُهم قبل قتالِهم:

وكان بعضُ السلفِ يرى عدَمَ قتالِهم حتَّى يَبدَؤُوا المسلِمِينَ بالقتالِ كما فَعَل عليُّ بن أبي طالب، وبه قال الشافعيُّ (١)؛ فتعليمُهُمْ يَرفَعُ الجهلَ عن كثيرٍ منهم ويَعُودُون، وقد بعَثَ عليٌّ ابنَ عبَّاسٍ (٢)، وبعَثَ عُمَرُ بن عبد العزيزِ عَوْنَ بنَ عبد اللهِ (٣)؛ لمناظَرَتِهم ونُصْحِهم، وقد سُئِلَ أحمدُ عن إسماعِ الخارجِيِّ الحديثَ؟ فقال: "نَعَمْ؛ أَعْطِهِ لعلَّ اللهَ يَنفَعُهُ به! " (٤).

ورُوِي عن بعضِ السلف التفريقُ بين قِتالِ الخوارجِ لإمامِ جَوْرٍ وبينَ قِتالِهم لإمامِ عَدْل؛ فرَأَوُا اعتزالَه عند قتالِهم لإمامِ جَوْرٍ على الولاية، ورُوِي هذا عن عليِّ بنِ أبي طالِبٍ أنَّه قال: "وإنْ خالَفُوا إمامًا جائرًا فلا تقاتِلُوهم" كما رواه الطَّبَريُّ (٥)، وفيه رجلٌ لا يُعرَف (٦)، وبهذا قال مالِكٌ وأحمدُ -في روايةٍ- وابنُ القاسم (٧).

* الموقِفُ عند اجتماع الضلالات:

وإذا اجتمَعَتِ الضلالاتُ في زمَنٍ مِن الأَزْمِنةِ وتقاتَلَ أهلُها، فلا يَنتصِرُ المسلمُ لطائفةٍ دُونَ أخرى، وإنَّما يَنظُرُ ما كان لصالِحِ المسلِمِين،


(١) "البداية والنهاية" (١٠/ ٥٧٠).
(٢) "مصنف عبد الرزاق" (١٨٦٧٨)، و"مصنف ابن أبي شيبة" (٣٩٠٥٥).
(٣) "الطبقات الكبرى" (٧/ ٣٥٠)، و"السُّنَّة" لعبد الله (١٥٠٢ و ١٥٤٠).
(٤) "طبقات الحنابلة" (٢/ ٢٣٠).
(٥) عزاه له الحافظ في "فتح الباري" (١٢/ ٣٠١). وأخرجه ابن أبي شيبة (٣٩٠٧١)، وأبو يعلى في "حديث بندار" (٣٥).
(٦) قال الحافظ في الموضع السابق: وقد أخرج الطبري بسند صحيح عن عبد الله بن الحارث، عن رجل من بني نضر، عن عليٍّ ... فذكَرَه. وعند ابن أبي شيبة: رجل من بني نصر بن معاوية وعند أبي يعلى: رجل من بني نضرة.
(٧) "السُّنَّة" للخلال (ص ١١٣)، و "المدوَّنة" (١/ ٥٣٠)، و"البيان والتحصيل" (٢/ ٦٠٢)، و"أحكام القرآن" لابن العربي (٤/ ٥٣).

<<  <   >  >>