للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهكذا في "المدوَّنة" إذا أُطلِقَ إفريقيَّةُ، فالمراد بها: القَيْرَوانُ؛ لأنها أظهَرُ مَعَالِمِها وعَوَامِرِها (١).

* السُّنَّةُ والأثَرُ وعلمُ الكلامِ في المَغرِب:

وكان الناسُ في إفريقيَّةَ والمَغرِبِ على السُّنَّةِ والأثَر، ولمْ تَظهَرْ فيهم البِدَعُ متمكِّنةً، ولا علمُ الكلامِ والفلسفةُ، وقد كان الفيلسوفُ أبو بكرٍ محمَّدُ بنُ الطُّفَيْلِ القَيْسيُّ في القرنِ السادسِ يصفُ نُدْرةَ الفلسفةِ في المغرِبِ بأنها أعدَمُ مِن الكِبْرِيتِ الأحمَر (٢)، وكانتِ المغربُ آخِرَ بلدانِ الإسلامِ يَنتظِمُ فيها علمُ الكلام، وقد كانت بلدانُ الإسلامِ على جهاتٍ ثلاثٍ:

الأُولى: بلادُ المَشرِقِ؛ وهي: مِن عِرَاقِ العجَمِ إلى خُرَاسانَ وما وراءَها، وهي موضعُ الفلاسفةِ في الإسلام، وفيها ظهَرَ علمُ الكلامِ، ودخَلَ في تقريرِ مسائلِ الدِّين؛ كأقوالِ الجَهْمِ بنِ صَفْوانَ، والجَعدِ بنِ دِرْهَمٍ، وهي مَوطِنُ الفارابيِّ، وابنِ سِينَا، وابنِ مِسْكَوَيْهِ، وهي موطنُ الأئمَّةِ المتكلِّمينَ؛ كابنِ فُورَكَ، وأبي إسحاقَ الإِسْفَرايِينيِّ، وأبي القاسمِ القُشَيْرِيِّ، والجُوَيْنِيِّ، والغَزَاليِّ.

الثانية: بلادُ المَغرِبِ؛ وهي: المغرِبُ الأدنى؛ وتُسمَّى إفريقيَّةَ، وهي القيروانُ وما حولَها، والمغرِبُ الأقصى؛ وهي الأَندَلُسُ وما وراءَها.

الثالثةُ: ما بينَهما؛ وهي: جزيرةُ العرَبِ وما اتصَلَ بها مما بين


(١) "حاشية العدوي بهامش شرح مختصر خليل" (٣/ ١٨٦).
(٢) "حي بن يقظان" (ص ٢٠).

<<  <   >  >>