حُجَّتَه، وبلَّغهم رسالتَه؛ قال تعالى:{وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ}[فاطر: ٢٤]، وقال:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا}[النحل: ٣٦]، وقال:{وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ}[يونس: ٤٧]؛ فكانتِ الرسُلُ تَتَتابَعُ للبلاغِ، نبيًّا بعدَ نبيّ؛ حتى لا يَغِيبَ الحقُّ مِن الأرضِ بالكليَّة؛ قال تعالى عن تتابُعِ رُسُلِهِ:{ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى}[المؤمنون: ٤٤].
وتتابُعُ الرسُلِ حتى تقومَ الحُجَّةُ في الأرضِ على العالمين، وتَنقطِعَ أعذارُهم؛ كما قال تعالى:{رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}[النساء: ١٦٥]، وقال تعالى:{فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا}[النساء: ٤١].
والإيمانُ بجميعِ الرسُلِ واجبٌ، والكافِرُ بواحدٍ منهم كافِرٌ بجميعِهم؛ قال تعالى:{كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ}[البقرة: ٢٨٥]، وقال:{إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ}[النساء: ١٥٠]؛ فجعَلَ الكفرَ به وبرسُلِهِ واحدًا، ولا يَلزَمُ مِن الإيمانِ برسولٍ اتباعُ شريعتِه، بل إنَّ الإيمانَ به يقتضي تصديقَ الخبَر، والإقرارَ بالمنزِلةِ والفضل، وأمَّا الاتِّبُاعُ، فقد ختَمَ الله جميعَ الشرائعِ برسالةِ النبيِّ محمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم-.
* خِتَامُ رسالةِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- للرِّسالات:
وكلُّ نَبِيٍّ يَبْعَثُهُ اللهُ لأُمَّتِهِ وقومِه، ويَجعَلُ رسالتَهُ مقيَّدةً بزمانٍ تنتهي به، إلا رسالةَ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-؛ فقد جعَلَها الله عامَّةً للعالَمِينَ جِنًّا وإنسًا، وجعَلَها دائِمةً وخاتِمةً للرسالاتِ السابقة؛ فلا يجوزُ التديُّن بأيِّ رسالةٍ سماويَّةٍ سابقةٍ بعد بعثةِ محمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم-.
أمَّا عمومُ رسالةِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- لجميعِ الأُمَمِ، فلقولِهِ تعالى: {قُلْ يَاأَيُّهَا