للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كتابِهِ -عز وجل- قال تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [النساء: ١٦٩, والأحزاب: ٦٥، والجِن: ٢٣]، وقال تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى} [طه: ٧٤]، وقد صحَّ الحديثُ بالإتيانِ بالمَوْتِ في صورةِ كبشٍ أملَحَ، فيُذبَحُ بين الجنَّةِ والنار (١)، والقولُ بفَنَاءِ الجنة أعظَمُ مِن القول بفناء النار، وقد جزَمَ أحمدُ بن حنبلٍ بكفرِ مَن قال بفناء الجَنةِ خاصةً؛ كما في رسالتِه إلى مسدَّد (٢).

وقد تكلَّمنا على ذلك بالتفصيلِ في "الخُراسَانيَّة" (٣).

* صفةُ المجيءِ للهِ:

* قَالَ ابْنُ أَبي زَيْدٍ: (وَأَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَجِيءُ يَوْمَ القِيَامَة، {وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر: ٢٢]؛ لِعَرْضِ الأُمَمِ وَحِسَابِهَا، وَعُقُوبَتِهَا وَثَوَابِهَا):

تُثبَتُ صفةُ المجيءِ للهِ تعالى حقيقةً كما يليقُ به، لا كما يليقُ بالمخلوق، وإثباتُها كإثباتِ سائِرِ أفعالِهِ الاختياريَّة؛ كالاستواءِ والنزولِ وغيرِهما، وقد ذكَرَ ابنُ أبي زيدٍ إثباتَها حقيقةً بقولِهِ في "الجامع": "بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ جَائِيًا" (٤).

والإتيانُ والمجيءُ: مِن الصفاتِ الفعليَّةِ الخبريَّة؛ وقد قال تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} [البقرة: ٢١٠]، وقال: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} [الأنعام: ١٥٨]، وقال: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر: ٢٢].


(١) البخاري (٤٧٣٠)، ومسلم (٢٨٤٩) من حديث أبي سعيد.
(٢) "طبقات الحنابلة" (٢/ ٤٢٦).
(٣) "الخراسانية" (ص ٣٥٠).
(٤) "الجامع" (ص ١٠٧ - ١٠٨).

<<  <   >  >>