للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عمَّا يقولُهُ الناسُ في التفضيلِ بين أبي بكرٍ وعُمَرَ، والتفاضُلِ بينهما وغيرِهما؟ فقال: "ليس هذا دِينَ قُرَيْشٍ، ولا دِينَ العرَبِ؛ هذا دِينُ أَهْلِ قُمّ" (١)، وكان يقولُ: "واللهِ، لا يَخفَى علينا نحنُ مَن يَستحِقُّ الوَلَايةَ بعدَ وَالِينَا، ولا مَن يَستحِقُّ القضاءَ بعد قَاضِينَا؛ فكيف يَخفَى على أصحابِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- الأَمْرُ بعدَ نبيِّهم؟ ! " (٢).

وبنو أُميَّةَ في المغرِبِ لم يكونوا يَقَعُونَ في عليِّ بنِ أبي طالبٍ، مع ما يَجِدُونَهُ لِأَثَرةِ المُلْكِ عليهم؛ تعظيمًا للصحابةِ، ولقرابتِهِ خاصَّةً.

على خلافِ ما يَفعَلُهُ بعضُ بني أُميَّةَ في المشرِقِ؛ مِن النيلِ منه بغيًا -رضي الله عنه-.

حتى جاء بنو عُبَيْدٍ؛ فامتحَنُوا الناسَ في ذلك، وقتَلُوا مَن خالَفَهم، ومنَعُوا الفتوى بمذهبِ مالكٍ؛ حتى كان الواحدُ منهم يَستتِرُ بمدحِ الصحابةِ؛ كاستتارِ الذِّمِّيِّ بعبادتِه؛ كما ذكَرَهُ القاضي عِيَاضٌ وغيرُه (٣)، وقد قتَلُوا خلقًا مِن العلماءِ، وفَرَّ كثيرٌ منهم.

حتى قال أبو الحسَنِ القابِسِيُّ: "إنَّ مَن قتَلَهُمْ عُبَيْدُ اللهِ وبنوهُ: أربعةُ آلافٍ بين عالِمٍ وعابِدٍ؛ ممَّن يَترضَّوْنَ عن الصحابةِ، حتى خصَّص دارًا للقتلِ سمَّاها: "دارَ النَّحْر"، حتى لُعِنَ الصحابةُ على المنابِرِ، وانقطَعَ الناسُ عن الجُمُعةِ بالقَيْرَوانِ مُدَّةً" (٤).

* فِتْنةُ الرَّافضةِ إذا تمكَّنُوا:

وفتنةُ الرافضةِ إنْ تمكَّنوا على أهلِ السُّنَّةِ، أشَدُّ مِن فتنةِ اليهودِ


(١) "رياض النفوس" (١/ ٢٨٧)، وقد سبق قريبًا.
(٢) "رياض النفوس" (١/ ٢٨٧ - ٢٨٨).
(٣) "ترتيب المدارك" (٥/ ٣٠٣).
(٤) "سير أعلام النبلاء" (١٥/ ١٤٥).

<<  <   >  >>