للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

* الاستواءُ على العَرْش:

قَالَ ابْنُ أَبي زَيْدٍ: (وَأَنَّهُ فَوْقَ عَرْشِهِ المَجِيدِ بِذَاتِهْ، وَهُوَ فِي كُلِّ مَكَانٍ بِعِلْمِهْ):

يجبُ إثباتُ استواءِ اللهِ على عَرْشِه، وذِكْرُ ابنِ أبي زيدٍ لاستواءِ الذاتِ في قولِهِ: "بذاتِهِ" دفعٌ لمقالةِ التأويلِ التي تنفي إثباتَ الاستواءِ حقيقةً بلا تشبيهٍ ولا تكييفٍ، ممن يتوهَّمُ أنَّ إثباتَ الحقيقةِ لازمٌ للتشبيهِ والتكييفِ.

وقد قرَّر إثباتَ الاستواءِ على العرشِ حقيقةً المصنِّفُ في "الجامع"، فقال: "وَأَنَّهُ فَوْقَ سَمَوَاتِهِ عَلَى عَرْشِهِ دُونَ أَرْضِهِ" (١).

وقد نَصَّ على استواءِ اللهِ بذاتِهِ السلَفُ، وجاء عن مالكٍ النصُّ على "الذاتِ"؛ حكاه غيرُ واحدٍ؛ قال أبو نَصْرٍ السِّجْزيُّ في كتابِهِ "الإبانة": "فأئمَّتُنا -كسُفْيانَ الثَّوْريِّ، ومالكٍ، وسُفْيانَ بنِ عُيَيْنةَ، وحمَّادِ بنِ سَلَمةَ، وحمَّادِ بنِ زَيْدٍ، وعبدِ اللهِ بنِ المبارَكِ، وفُضَيْلِ بنِ عِيَاضٍ، وأحمدَ بنِ حَنْبلٍ، وإسحاقَ بنِ إبراهيمَ الحَنْظَليِّ -مُتَّفِقُونَ على أنَّ اللهَ سبحانه بذاتِهِ فوقَ العرش، وأنَّ عِلْمَهُ بكلِّ مكان، وأنَّه يُرَى يومَ القيامةِ بالأبصارِ فوقَ العَرْشِ، وأنَّه يَنزِلُ إلى سماءِ الدنيا، وأنَّه يَغضَبُ ويَرْضَى ويَتكلَّمُ بما شاءَ؛ فمَن خالَفَ شيئًا مِن ذلك، فهو منهم بَرِيءٌ، وهم منه بَرَاءٌ" (٢).

وقال أبو عُمَرَ الطَّلَمَنْكِيُّ في كتابِه "الأصول": "أجمَعَ المسلِمونَ مِن أهلِ السُّنَّةِ على أنَّ اللهَ استَوَى على عَرْشِهِ بذاتِه" (٣).


(١) "الجامع" (ص ١٠٨).
(٢) "درء التعارض" (٦/ ٢٥٠)، و "مجموع الفتاوى" (٣/ ٢٢٢ و ٢٦٢).
(٣) "اجتماع الجيوش" (٢/ ١٤٢).

<<  <   >  >>