للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

* نُصحُ الأَئِمَّةِ:

ويجبُ مع السمعِ والطاعةِ: النصحُ لأئمَّةِ المسلِمِينَ بعِلْمٍ وحِكْمة، ولا يَلزَمُ مِن منعِ الخروجِ عليهم في النصوصِ: تركُ النكيرِ عليهم بالقِسْط.

والفرقُ بين أهلِ السُّنَّةِ والمرجِئةِ في هذا البابِ: أنَّ أهلَ السُّنَّةِ يَرَوْنَ الإنكارَ على مَن جار مِن الأئمَّةِ على حَقِّ اللهِ وحَقِّ المسلِمِين، ولا يَتخِذونَ الإصلاحَ بابًا للخروج، وأمَّا المرجِئةُ: فيَتخِذُونَ خوفَ الفتنةِ بابًا لإغلاقِ الإنكارِ على الأئمَّة.

والإصلاحُ يكونُ بعِلْمٍ وحِكْمةٍ وعَدْل، ولا يكونُ بذكرِ ما يُخفِيهِ الأئمَّةُ مِن عيوبٍ وذنوبٍ تَخُصُّهم، ولا تُتَّبَعُ زَلَّاتُهم، ولا تُذكَرُ عند مَن لا تَعْنِيهِ تلك الزَّلَّات؛ فتلك لا تكونُ إلَّا مِن أهلِ الهَوَى والغِلِّ، ويتوهَّمونَهُ إصلاحًا.

وجَوْرُ أئمَّةِ المسلِمِينَ وظُلْمُهم وأخطاؤُهم على نوعَيْن:

النوع الأوَّل: ما يَخُصُّهم مِن تقصيرٍ في حَقِّ اللهِ بفعلِ المحرَّم، وتركِ الواجب، ولا يَدْعُونَ إليه العامَّةَ، ولا يشرِّعونه فيهم:

فهذا يُشرَعُ إنكارُهُ عليهم عند العلمِ به، ويكونُ بين المُصلِحِ وبينهم؛ لأنه خاصٌّ لا عامٌّ، وكلُّ حاكمٍ مسلِمٍ، فلعِرْضِهِ حُرْمةٌ كالمسلِمِينَ بل أشَدَّ، ولا تجوزُ إلا بشروطِها المعروفة.

ومَن خَشِيَ أَذَى السلطانِ وضرَرَهُ في هذا البابِ، جاز له تركُ نُصْحِه؛ لأنَّ ضررَهُ خاصٌّ بفاعِلِهِ، لا عامٌّ للناس، والأذيَّةُ فيه مُضِرَّةٌ بالعالِمِ، ومَصلَحةُ الناسِ بالعالِم عامَّة؛ ومِن هذا قولُ مالك: "أدرَكْتُ

<<  <   >  >>