للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* مُجمَلُ اعتقِادِ أهلِ السُّنَّةِ في اللهِ تعالى:

* قَالَ ابْنُ أبى زَيْدٍ في مقدِّمةِ "الرسالة": (بَابُ مَا تَنْطِقُ بِهِ الألْسِنَةُ، وَتَعْتَقِدُهُ الأَفْئِدَةُ؛ مِنْ وَاجِبِ أُمُورِ الدِّيَانَاتِ؛ مِنْ ذَلِكَ: الإِيمَانُ بِالقَلْبِ، وَالنُّطْقُ بِاللِّسَانِ: أَنَّ اللهَ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ غَيْرُهْ، وَلَا شَبِيهَ لَهْ، وَلَا نَظِيرَ لَهْ، وَلَا وَلَدَ لَهْ، وَلَا وَالِدَ لَهْ، وَلَا صَاحِبَةَ لَهْ، وَلَا شَرِيكَ لَهْ؛ لَيْسَ لِأَوَّلِيَّتِهِ ابْتِدَاءْ، وَلَا لِآخِرِيَّتِهِ انْقِضَاءْ):

أراد ابنُ أبي زيدٍ: الكلامَ على أصولِ الدِّينِ وفروعِهِ في "رسالتِه"، ولمَّا كانتِ الأصولُ محلَّ اتفاقٍ، ولا تَقبَلُ الرأيَ والنظَرَ، كانتْ مختصَرةً يسيرةً؛ يكفي فيها الإجمالُ، والإمساكُ عمَّا لم يَرِدْ فيه نصٌّ، والمعتَقَدُ الذي كتَبَهُ ابنُ أبي زَيْدٍ: هو ما أجمَعَتْ عليه الأُمَّةُ، وقد وصَفَ معتقَدَهُ في كتابِهِ "الجامع" بأنه: "مِمَّا أَجْمَعَتْ عَلَيْهِ الأُمَّةُ مِنْ أُمُورِ الدِّيَانَهْ، وَمِنَ السُّنَنِ الَّتِي خِلَافُهَا بِدْعَةٌ وَضَلَالَهْ" (١).

وقد ابتدَأَ بذكرِ وحدانيَّةِ اللهِ وصَمَدِيَّتِه، ونفيِ الشريكِ عنه والنِّدِّ والنظير، والزوجةِ والوَلَدِ والوالِدِ؛ كما قال تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: ١ - ٤].

وأنَّه سبحانَهُ: الأوَّلُ فليس قبلَهُ شيءٌ، وهو الآخِرُ فليس بعدَهُ شيءٌ؛ كما قال تعالى: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ} [الحديد: ٣]، وعند مسلِم مِن حديثِ أبي هُرَيْرةَ -رضي الله عنه-؛ أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: (اللَّهُمَّ، أَنْتَ الأَوَّلُ؛ فليْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الآخِرُ؛ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ؛ فَلَيْسَ فَوْقَكَ


(١) "الجامع" (ص ١٠٧).

<<  <   >  >>