للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومَنْ أراد أن يَقِفَ على أقاويلِ العلماءِ في قولِهِ -عَزَّ وَجَلَّ-: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ} [الأعراف: ١٤٣]؛ فلْيَنظُرْ في تفسيرِ بَقِيٍّ بنِ مَخْلَدٍ، ومحمَّدِ بنِ جَرِيرٍ، وليقفْ على ما ذكَرَا مِن ذاك، ففيما ذكَرَا منه كفايةٌ" (١).

* صِفَةُ نُزولِ الله تعالى:

ويُثبَتُ النزولُ كما جاء في الحديثِ على الحقيقةِ بلا تأويلٍ ولا تشبيه، ولا تكييفٍ ولا تعطيل، ومَن يتأوَّلُ النزولَ أو يعطِّلُهُ يستحضِرُ أحوالًا تُشابِهُ المخلوقَ، والحرَكةُ والانتقالُ لم يَرِدْ بها النصُّ، فتُترَكُ، ولا تُثبَتُ ولا تُنفَى؛ وقوفًا على النصِّ؛ كما كان الإمامُ أحمَدُ يأمُرُ بذلك، يقول عبد الله بن أحمد: "كنتُ أنا وأبي في المَسجِد، فسَمِعَ قاصًّا يَقُصُّ في حديثِ النزولِ؛ فقال: "إذا كان ليلةُ النِّصْفِ مِن شَعْبانَ، يَنزِلُ اللهُ إلى سماءِ الدنيا بلا زَوَالْ، ولا انتقالْ، ولا تغيُّرِ حالْ"؛ فارتعَدَ أبي واصفَرَّ لَوْنُه، ولَزِمَ يدي، فأمسكتُهُ حتى سكَنَ، ثم قال: قِفْ بنا على هذا المتخرِّصِ، فلمَّا حاذاه، قال: يا هذا؛ رسولُ اللهِ أغيَرُ على ربِّكَ منك؛ قُلْ كما قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-"، وانصرَفَ (٢).

ومِن الأئمَّةِ: مَن يُثبِتُ ذلك؛ كحَرْبٍ الكِرْمانيِّ (٣)، وعُثْمانَ الدارميِّ (٤).

ومنهم: مَن يَنفِيه؛ كأبي الحسَنِ التميميِّ (٥)، وأبي محمَّدٍ مَكِّيِّ بنِ أبي طالبٍ في كتابِ "الهِدَايهْ، إلى بلوغِ النِّهَايهْ" (٦)، ومنهم ابنُ عبد البَرِّ (٧).


(١) "التمهيد" (٧/ ١٥٣).
(٢) "الاقتصاد في الاعتقاد" (ص ١١٠).
(٣) "مسائل حرب" (١٥٦٠/ ٢٦).
(٤) "النقض" (١/ ٢١٥ و ٣٥٥ - ٣٥٦).
(٥) "مجموع الفتاوي" (٥/ ٤٠٢).
(٦) "الهداية" (١/ ٢٠٩ و ٦٩٠)، و (١٢/ ٧٦٧٧ - ٧٦٧٨).
(٧) "التمهيد" (٧/ ١٣٦ - ١٣٧).

<<  <   >  >>