للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإيمانُ: قولٌ وعمَلٌ واعتقاد؛ وبهذا يقولُ السلَفُ بإجماعِهم (١)، ولا يَصِحُّ واحدٌ مِن هذه الثلاثةِ إلا بالآخَر:

فمَن انتَفَى منه العمَلُ كلُّه؛ كمَن انتَفَى منه القولُ كلُّه، أو الاعتقادُ كلُّه، ومَن انتَفَى منه القولُ كلُّه؛ كمَن انتَفَى منه الاعتقادُ كلُّه، أو العمَلُ كلُّه، ومَن انتَفَى منه الاعتقادُ كلُّه؛ كمَنِ انتَفَى منه القولُ كلُّه، أو العمَلُ كلُّه؛ وانتفاءُ واحدٍ مِن الثلاثةِ بجميعِهِ كانتفاءِ الثلاثة.

ولكنْ ليس المرادُ مِن ذلك انتفاءَ أيِّ جزءٍ مِن الثلاثةِ؛ فهذا قولٌ يوافِقُ أصولَ الخوارج؛ فإنَّ السلَفَ وأهلَ السُّنَّةِ لا يكفِّرونَ أحدًا بتركِ شيءٍ معيَّنٍ مِن الباطِنِ أو الظاهِرِ، إلا بدليلٍ خاصًّ، ويفرِّقون بين التركِ الكُلِّيَّ وبين التركِ الجُزْئيَّ؛ كما كان يقولُهُ أئمَّةُ السَّلَفِ؛ كسعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، وابنِ عُيَيْنةَ، ومالكٍ، والشافعيِّ، وأحمدَ، وإسحاقَ، والحُمَيْديِّ، وأبي ثَوْر (٢).

وقال الوليدُ بن مسلِم: "سَمِعْتُ الأوزاعيَّ، ومالكَ بنَ أنَسٍ، وسعيدَ بنَ عبد العزيزِ، يُنكِرونَ قولَ مَن يقولُ: إنَّ الإيمانَ قولٌ بلا عمَل، ويقولونَ: لا إيمانَ إلَّا بعمَل، ولا عمَلَ إلا بإيمان" (٣).

* حكمُ تاركِ العمل كلِّه:

ومَن آمَنَ بقلبِهِ، وأقَرَّ بلسانِهِ، ولم يَعمَلْ بأركانِهِ شيئًا مِن العمَلِ -: لم يَصِحَّ إيمانُهُ عند السلف، وكان الأئمَّةُ يعنِّفُونَ على مَن يقولُ بخلافِ ذلك.


(١) سبق عند الكلام على مسألة زيادة الإيمان ونقصانه.
(٢) "أصول الاعتقاد" (١/ ٥٧، ٣٤٨، ٤/ ٨٤٨، ٨٤٩، ٥/ ٨٨٦)، و"السُّنَّة" للخلال (٣/ ٥٧٠)، و"أصول السُّنَّة" للحميدي (ص ٣٨)، و"السُّنَّة" لعبد الله بن أحمد (١/ ٣٤٨)، و"فتح الباري" لابن رجب (١/ ٢١).
(٣) "شرح أصول الاعتقاد" (١٥٨٦).

<<  <   >  >>