للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان بُهْلُولُ بنُ راشدٍ، وسُحْنُونُ بنُ سعيدٍ، وعليُّ بنُ زيادٍ: لا يسلِّمون عليهم، وكان سُحْنُونُ بنُ سعيدٍ لا يصلِّي خَلْفَهم، بل كان عبدُ اللهِ بنُ فَرُّوخٍ، وابنُ غانمٍ، وبُهْلُولُ بنُ راشدٍ، لا يصلُّون على جَنائِزِهم، وقد حكى بعضُ علماءِ المغربِ اتفاقَ علماءِ السُّنَّةِ المغارِبةِ على أنه لا تجوزُ الصلاةُ على مَن يَدِينُ بالاعتزالِ.

* بدايةُ رَدِّ المغاربةِ على المشارِقةِ في الفروعِ لا في الأصول:

والمذاهِبُ الفقهية -ومنها: المذاهِبُ الأربعةُ المشهورة- مذاهِبُ فقهيَّة، وليست طُرُقًا عَقَدِيَّة؛ فليس كلُّ مَن انتسَبَ إلى إمامٍ في الفروع، فهو على طريقتِهِ في الاعتقاد، ولا يُنسَبُ للإمامِ اعتقادٌ قرَّره بعضُ أتباعِهِ في الفروع.

ومَن نظَرَ في كثيرٍ مِن رؤوسِ الاعتزالِ، وجَدَهم حنفيَّةً في الفروعِ، وأبو حنيفةَ بريءٌ مِنِ اعتزالهم، وهكذا في بعضِ مَن ينتسِبُ لمالكٍ والشافعيِّ وأحمدَ؛ فتؤخَذُ مذاهبُ الفروعِ بمأخَذٍ غيرِ طرائقِ العقائد.

ولم تَظهَرِ الأهواءُ في المغربِ منتظِمةً مبكِّرةً؛ كما ظهَرَتْ في المشرِقِ والعراقِ والشامِ، وقد كانت غايةُ البدعِ الكلاميَّةِ يَحمِلُها أفرادٌ، وربَّما يتهيَّبون من الدعوةِ إليها والكتابةِ بها، وكان عامَّةُ ردودِ المغارِبةِ ومناظراتُهم في القرنِ الثالثِ والرابعِ -خاصَّةً المالكيَّةَ- في الفروعِ، ودفاعًا عن مالكٍ ومذهبِهِ مِن ردودِ بعضِ المشارِقةِ وغيرِهم عليه؛ خاصَّةً مِن أبي حنيفةَ والشافعيِّ وأصحابِهما، وخاصَّةً في كتابِ محمَّد بن الحسَن "الحُجَّةِ على أهلِ المدينة"، وكتابِ الشافعيِّ "اختلافِ مالك"، وغيرِهما.

وقد رَدَّ جماعةٌ مِن المغارِبةِ على الشافعيِّ، منهم: محمَّدُ بنُ سُحْنُونٍ في كتابِهِ "الجوابَات"، ويحيى بن عُمَرَ الكِنَانيُّ الأندلسيُّ

<<  <   >  >>