للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القَيْرَوانيُّ في كتابِهِ "الحُجَّةِ في الردِّ على الشافعيِّ"، ورَدَّ على الشافعيِّ: يُوسُفُ المُغَامِيُّ الأندلسيُّ، وأبو عثمانَ سعيدٌ الحدَّاد، ورَدَّ محمَّدُ بن سُحْنُونٍ على أبي حنيفةَ وأصحابِهِ في كتابِهِ "الردِّ على أهلِ العراق".

وهذه الردودُ كلُّها في القرنِ الثالث.

وقد كانوا يَرُدُّونَ الاحتجاجَ بكتبِ داوُدَ الظاهِريِّ وأقوالِهِ قبلَ دخولِ بعض رجالِ المغربِ في مذهبِه، وقبلَ ولادةِ ابنِ حزمٍ، وأوَّلُ مَن أدخَلَ كتبَ داودَ الأَندَلُسَ تلامذتُهُ: عبدُ اللهِ بن قاسمِ بنِ هِلَالٍ القرطبيُّ، ومُنْذِرُ بن سَعيدٍ البَلُّوطيُّ، ثم أدخَلَ كتبَ داودَ مَغرِبَ إفريقيَّة: محمَّدُ بن خَيْرُونَ القيروانيُّ في "رحلتِهِ إلى العراق"، التي لَقِيَ فيها أصحابَ أحمَدَ، وابنِ مَعِينٍ، وابنِ المَدِينيِّ؛ وهو أوَّلُ مَن أدخَلَها القَيْرَوانَ؛ وهذا قبلَ ولادةِ ابنِ حَزْمٍ بنحوِ قَرْنٍ.

وقد تكلَّم أبو عُثْمانَ سعيدُ بن الحدَّادِ في مسألةٍ، فقيل له: إنَّ داودَ قال فيها كذا وكذا، فقال: "لو كان نَوْمِي كيَقَظةِ داودَ، ما تكلَّمْتُ في العِلْم" (١).

وابنُ الحدَّاد شيخُ شيوخِ ابنِ أبي زَيْد.

ورَدَّ ابنُ أبي زيدٍ نفسُهُ على الظاهريَّةِ وخلافِهم لمالكٍ في كتابِهِ "الذَّبِّ عن مذهبِ مالك"، وكان كتابُهُ ردًّا على كتابٍ لأحدِ الظاهريَّةِ سمَّاه: "التنبيهَ والبيانَ، عن مسائلَ اختلَفَ فيها مالكٌ والشافعيُّ"؛ حيثُ ذكَرَ صاحبُ "التنبيهِ" مخالَفةَ مالكٍ للسُّنَّةِ في بعضِ أصولِ فقهِهِ، وسبعًا وثلاثينَ مسألةً مِن فروعِه، وكان المَغارِبةُ يسمُّونَ داودَ بالقِيَاسيِّ؛ لأنه ينفي القياسَ.


(١) "معالم الإيمان" (٢/ ٢٩٧ - ٢٩٨).

<<  <   >  >>