للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإنَّ اللهِ آياتٍ -كالكواكبِ والأبراج، والنجومِ والسماءِ والأرض، وأنواعِ الموجوداتِ الحَيَّةِ والجامدةِ -تَدُلُّ على عظيمِ مُوجِدِها؛ قال تعالى: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} [الأعراف: ١٨٥]، وقال: {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (٢٠) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: ٢٠ - ٢١]، وقال: {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (١٧) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (١٨) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (١٩) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} [الغاشية: ١٧ - ٢٠].

ثُمَّ ذكَرَ المصنِّفُ ما أجراهُ اللهُ على عبادِهِ مِن تسييرِهم على مرادِهِ بفضلٍ وعَدْل، ولا يَظلِمُ اللهُ أحدًا، وتقديرُ اللهِ على عبادِهِ أعمالَهم لا يعني ظُلْمَهم، ولا قطعَ حُجَّتِهِ عليهم، ويأتي الكلامُ على شيءٍ مِن هذا في بابِ القَدَرِ والمشيئةِ مِن هذا الكتابِ.

وفي قولِهِ: "فَآمنُوا بِاللهِ بِأَلْسِنَتِهِمْ نَاطِقِينْ، وَبِقُلُوبِهِمْ مُخْلِصِينْ، وَبِمَا أَتَتْهُمْ بِهِ رُسُلُهُ وكُتُبُهُ عَامِلِينْ"، ذِكْرٌ للإيمان، وأنَّه قولٌ وعمَلٌ واعتقاد، ولا يَتمُّ إيمانُ عبدٍ إلا بذلك، ويأتي بيانُ هذا مِن هذا الكتاب.

* سَعَةُ الحلال، وضِيقُ الحرام:

وفي قولِهِ: "وَتَعَلَّمُوا مَا عَلَّمَهُمْ، وَوَقَفُوا عِنْدَ مَا حَدَّ لَهُمْ، وَاسْتَغْنَوْا بِمَا أَحَلَّ لَهُمْ عَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ":

تنبيهٌ إلى أنَّ الغايةَ مِن العلمِ: العمَلُ بالمأمور، وتركُ المحظور، وأنَّ اللهَ جعَلَ في الحلالِ غُنْيةً عن الحَرَامِ وكفاية، وكثيرًا ما يَنهَى اللهُ عن شيءٍ، ثُمَّ يُبيِّنُ سَعَةَ الحَلَالِ؛ حتى لا يشعُرَ الإنسانُ بالحرَجِ والضِّيقِ، وتتوهَّمَهُ نَفْسُه؛ فإنَّ الشيطانَ يُكثِرُ مِن عرضِ المحرَّماتِ على الإنسانِ؛ حتى يشعُرَ بِسَعَتِها، ويُنسِيَهُ الحلالَ حتى يشعُرَ بضِيقِهِ وقِلَّتِه:

<<  <   >  >>