للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأشعريِّ لليَد، وأنها غيرُ القُدْرة، وللوجه، وأنه غيرُ الوجودِ: أنَّ ذلك إثباتٌ، لا توقُّفَ فيه؛ كما في كتابه "المحصَّل" (١)؛ حيثُ خالَفَ فيه رأيَ الأشعريِّ، وتوقَّف وفوَّض.

ومِن شُبُهاتِ المعطِّلة: قولُهم بحدوثِ الأسماءِ والصفاتِ؛ وبهذا استدَلَّ بعضُ متكلِّمي المغرِبِ؛ وهو سُلَيْمانُ الفرَّاءُ؛ "فقد سأَلَ ابنَ سُحْنُونٍ يستدرِجُهُ: يا أبا عبد الله، اللهُ سَمَّى نَفْسَهُ؟ فقال ابنُ سُحْنُونٍ: اللهُ سَمَّى نفسَهُ، ولم يَزَلْ له الأسماءُ الحُسْنَى" (٢).

* كلامُ اللهِ:

* قَالَ ابْنُ أَبي زَيْدٍ: (كَلَّمَ مُوسَى بِكَلَامِهِ الَّذِي هُوَ صِفَةُ ذَاتِهْ، لَا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِهْ):

واللهُ متكلِّمٌ متى شاء بما شاء، والقرآنُ كلامُهُ، وكلامُهُ بائنٌ مِن خلقِهِ، وخلقُهُ خلقٌ، ولا يكونُ كلامُهُ مخلوقًا؛ لكونِهِ مسموعًا ومقروءًا، ومحفوظًا ومكتوبًا ومتدبَّرًا، بل المخلوقُ الأداةُ، وهي: أُذُنُ الإنسانِ ولسانُهُ وشفتاهُ، ورِيقُهُ ولَهَوَاتُهُ، وقلبُهُ وعقلُهُ، والوَرَقُ والحِبْر؛ قال تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: ١٦٤]، وقال تعالى: {وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} [الأعراف: ١٤٣]، وقد أُكِّدَ الكلامُ بالمصدَرِ: "تكليمًا"؛ لِيُعلَمَ أنه كلامٌ على الحقيقةِ.

والعرَبُ تسمِّي ما يَصِلُ من القول إلى الإنسانِ كلامًا، بأيِّ طريقٍ وصَلَ إليه؛ كتابةً أو غيرَها، ولكنْ لا تحقِّقُهُ بالمصدَر، فإذا أُكِّدَ الفعلُ بالمصدَرِ،


(١) (ص ٤٣٧).
(٢) "طبقات علماء إفريقية" للخشني (ص ١٩٨).

<<  <   >  >>