للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* نفيُ القَدَر يَلزَمُ منه العجز:

* قَالَ ابْنُ أَبي زَيْدٍ: (تَعَالَى أَنْ يَكُونَ فِي مُلْكِهِ مَا لَا يُرِيدْ، أَو يكُونَ لِأَحَدٍ عَنْهُ غِنًى، أَو يَكُونَ خَالِقٌ لِشَيْءٍ إِلَّا هُوَ، رَبُّ الْعِبَادِ وَرَبُّ أَعْمَالِهِمْ، وَالمُقَدِّرُ لِحَرَكَاتِهِمْ وَآجَالِهِم، الْبَاعِثُ الرُّسُلِ إِلَيْهِمْ؛ لإِقَامَةِ الحُجَّةِ عَلَيْهِمْ):

ذكَرَ المؤلِّفُ ذلك؛ لأنَّ مقتضى نفيِ القدَرِ: أنه يكونُ في مُلْكِ الله ما لا يريدُهُ الله؛ فإمَّا أن تكونَ حوادثُ الكَوْنِ بتقديرِهِ؛ فهو أرادَها قَدَرًا، وإمَّا أن تكونَ مِن غيرِهِ؛ فلا شَكَّ أنه لا يتوافَقُ أحدٌ مع غيرِهِ في كلِّ مرادٍ؛ فلا بُدَّ أن يكونَ أحدُهما يريدُ ما لا يريدُهُ الآخَرُ؛ فلازمُ نفيِ القَدَرِ: أن يُتصرَّفَ في كونِهِ بما لا يريدُهُ، ويَعجِزُ عن دفعِهِ؛ تعالى الله علوًّا كبيرًا؛ فلا يكونُ في مُلْكِ الله إلا ما يريدُهُ الله، ويقدِّرُهُ مِن خيرٍ أو شَرٍّ، محبوبٍ أو مكروهٍ؛ ولهذا جاء في الحديثِ القُدْسيِّ في "مسلِمٍ": (وَلَكِنِّي عَلَى مَا أَشَاءُ قَادِرٌ) (١)، وفي "المسنَدِ" بلفظِ: (وَلَكِنِّي عَلَى مَا أَشَاءُ قَدِيرٌ) (٢).

وبعضُهم (٣): يَكرَهُ إطلاقَ قولِ: "وَاللهُ عَلَى مَا يَشَاءُ قَدِيرٌ"؛ لأنَّ قدرةَ اللهِ أوسَعُ:

وفي هذا التعليلِ نظَرٌ؛ فالحديثُ فيه ثابتٌ، وهو يتضمَّنُ إثباتًا لله، وتنزيهًا له:

* فأمَّا الإثباتُ: فهو إثباتُ القدَرِ والحِكْمةِ له.


(١) مسلم (١٨٧) من حديث ابن مسعود.
(٢) "المسند" (١/ ٤١٠ رقم ٣٨٩٩).
(٣) "المناهي اللفظية" (ص ٥٥٥).

<<  <   >  >>