للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأعمالُ القلوبِ -كالخَوْفِ والرجاءِ والمحبَّةِ، والتوكُّلِ والاستعانةِ والاستغاثةِ- يؤاخَذُ العبدُ عليها إذا وضَعَها في غيرِ مَوضِعِها، فللمخلوقِ قَدْرٌ يناسِبُ ما أعطاه اللهُ، والزيادةُ على ذلك أخذٌ مِن حَقِّ اللهِ، وجَعْلُهُ في المخلوقِ؛ كالخوفِ؛ حينما يُوضَعُ في الوَهْمِ، خطأٌ، وقد يأثَمُ صاحِبُه؛ يقولُ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- في الحَيَّاتِ: (مَنْ تَرَكَ مِنْهُنَّ شَيْئًا خِيفَتَهُنَّ، فَلَيْسَ مِنَّا) (١).

* التكفيرُ بالذنوبِ، وأحوالُ الطوائفِ:

* قَالَ ابْنُ أَبي زَيْدٍ: (وَأَنَّهُ لا يَكْفُرُ أَحَدٌ بِذَنْبٍ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ":

أهلُ القِبْلةِ: مَن توجَّهَ مع المسلِمِينَ إلى قِبْلَتِهم وهي الكَعْبةُ؛ سُمُّوا بذلك للمفارَقةِ بينهم وبين أربابِ المِلَلِ الأخرى الذين لا يتوجَّهون إليها؛ لأنَّ كُفْرَهم أصليٌّ ثابت؛ فلم يثبُتْ حتى يقالَ برفعِهِ؛ فإنه لا يرتفِعُ الإيمانُ مِن العبدِ إلا بالكُفْرِ والشِّرْك، مهما وقَعَ في الذنوبِ والمعاصي ولو كانتْ كبائِرَ أو موبِقاتٍ.

وقد وقَعَ جماعةٌ مِن الناسِ في زمَنِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- في ذنوبٍ؛ كالقَتْلِ والسَّرِقةِ والزِّنَى، والكذبِ والغِيبَةِ والنميمةِ، ولم يُخرِجْ هو ولا خلفاؤُهُ واحدًا منهم عن الإسلام، ولا عاملوه معامَلةَ الكافِر؛ بل كان يَنْهَى عن لَعْنِ شارِبِ الخَمْرِ مَرَّاتٍ، ويَعتذِرُ له بأنه يُحِبُّ اللهَ ورسولَه (٢).

فلا يُحبِطُ الإيمانَ والعمَلَ إلا الكفرُ والشركُ، لا الذنبُ وإنْ كان كبيرًا؛ فإنَّ الذنوبَ قد تؤثِّرُ على بعضِ حَسَناتِ العبدِ إذا شاء اللهُ ذلك،


(١) أحمد (٢/ ٥٢٠ رقم ١٠٧٤١) من حديث أبي هريرة.
(٢) البخاري (٦٧٨٠) من حديث عمر.

<<  <   >  >>