للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالشرِّ وتشريعِه؛ فيكونُ المُصلِحُ في مِثْلِ هذه الحالِ عظَّم فسادَ الحاكِمِ ووسَّعه، ولم يُضعِفْهُ ويضيِّقْه.

وهذا كلُّه يُنظَرُ فيه: الزمانُ، وتغيُّرُ الحال، ومآلاتُ الأمورِ وتقديرُها، وعِظَمُ الشرِّ والخيرِ مِن الجهتَيْنِ زيادةً ونقصًا، وأحوالُ السلاطينِ، ونَوْعُ مُنكَرِهم وقَدْرُهُ، وسَعَةُ أخذِ الناسِ به وضِيقُه.

وهذا البابُ مِن أحوَجِ الأبوابِ للسياسةِ الشرعيَّة، وكثيرًا ما تؤثِّرُ فيه طبائعُ النفوسِ وهواها على العدلِ والإنصافِ بين أربعةِ حقوقٍ: حَقِّ الحاكِم، وحَقِّ الناصِح، وحَقِّ المحكوم، وحَقِّ الله.

* الخطأُ في نُصوص السَّمْع والطاعة:

وعَدَمُ العَدْلِ في نصوصِ السمعِ والطاعةِ قد يَدخُلُ على طائفتَيْنِ مِن المتديِّنةِ:

طائفةٍ: تأخُذُ نصوصَ التحذيرِ مِن الدخولِ على السُّلْطانِ وإمامِ الجَوْرِ المُسلِمِ وما جاء في ذَمِّه، فتقَعُ في المحظورِ مِن جهةِ استحلالِ ما حرَّم اللهُ مِن عِرْضِهِ، وهَتْكِ سِتْرِه، والنُّفْرةِ مِن نصوصِ السمعِ والطاعةِ ولزومِ الجماعةِ، والزُّهْدِ فيها، والاقتصارِ على نصوصِ المنابَذةِ والمجاهَدة.

وطائفةٍ: تأخُذُ نصوصَ السمعِ والطاعةِ والصبرِ على إمامِ الجَوْرِ المُسلِمِ ومَنْعِ الخروجِ عليه، فتقَعُ في المحظورِ مِن جهةِ تعظيمِهِ وإطرائِهِ ومَدْحِهِ بما لا يستحِقُّهُ -أو يستحِقُّهُ، لكنَّه يَغُرُّهُ ويُفسِدُهُ ويُطغِيهِ- والزهدِ في نصوصِ النُّصْحِ له، والاقتصارِ على نصوصِ السمعِ والطاعة.

والمُرجِئةُ: يوالُونَ مَن كان شديدَ الوَلَاءِ للسلطانِ، ولو كان شديدَ العداءِ للهِ ودِينِه.

<<  <   >  >>