للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

* الأسماء والصفات:

* قَالَ ابْنُ أَبي زَيْدٍ: (وَلَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى، وَالصِّفَاتُ الْعُلَا، لَمْ يَزَلْ بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ وَأَسْمَائِهِ؛ تَعَالَى أَنْ تَكُونَ صِفَاتُهُ مَخْلُوقَهْ، وَأَسْمَاؤُهُ مُحْدَثَهْ):

قولُ ابنِ أبي زَيْدٍ هنا في مقدِّمةِ "الرسالةِ"، وفي "الجامِعِ" (١): "لَمْ يَزَلْ بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ وَأَسْمَائِهِ"؛ أي: أنَّه سبحانَهُ على كمالِه، لا يغيِّرُهُ الزمان، لا يَحتاجُ إلى علمٍ يَكتسِبُه، ولا ينقُصُهُ شيءٌ فيُتِمَّه، ولا فيه شيءٌ زائدٌ فيَنقُصَه.

وقد أخَذَ بعضُ المتكلِّمين مِن قولِ ابنِ أبي زَيْدٍ: "لَمْ يَزَلْ بِجَمِيعِ صفَاتِهِ": نفيَ الصفاتِ الفِعْلِيَّةِ كالاستواءِ؛ لأنَّ اللهَ لم يَكُنْ مستوِيًا قبلَ خَلْقِ العَرْش؛ وهذا باطِلٌ؛ فمِن صفاتِ اللهِ: أنَّه {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [هود: ١٠٧، والبروج: ١٦]، وأنَّه {يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [آل عمران: ٤٠، والحج: ١٨]؛ فلم يَزَلْ على ذلك، فلا يجوزُ نفيُ صفةِ الخَلْقِ؛ لأنَّه لم يَكُنْ خالِقًا قبلَهم؛ على قولِهم بعدمِ تَسلْسُلِ الحوادِثِ:

فإنْ كان مِن صفاتِهِ: أنَّه يَفعَلُ ما يُرِيدُ، فهذا دليلٌ على أنَّ أفعالَهُ تكونُ منه في زمانٍ دُونَ زمانٍ؛ كالاستواءِ، والنزولِ، كما تكونُ منه في مكانٍ دُونَ مكانٍ؛ كتَجَلِّيهِ سبحانه للجَبَل، وهم يعترِضُونَ على الصفاتِ الفِعْليَّةِ تنزيهًا لله عن الحوادِث، وأنَّ الحوادِثَ لم تكنْ موجودةً، فحدَثَتْ، فهي مخلوقةٌ، ويُنزَّهُ اللهُ عن أن يكونَ شيءٌ منه مخلوقًا.


(١) "الجامع" (ص ١٠٧).

<<  <   >  >>