للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الأعراف: ١٥٨]، وقولِهِ: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (١٠٧)} [الأنبياء: ١٠٧] وقولِهِ -عز وجل-: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [سبأ: ٢٨]، وفي الحديثِ: قال -صلى الله عليه وسلم-: (كَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً) (١).

وأوجَبَ اللهُ على جميعِ الأنبياءِ اتِّبَاعَ محمَّدٍ لو بُعِثَ وهم أحياءٌ، وأخَذَ الميثاقَ عليهم بذلك؛ كما قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ} [آل عمران: ٨١]؛ وهذا في الرُّسُل، وهو في العالَمِينَ مِن بابِ أولى؛ قال ابن عبَّاس -رضي الله عنهما-: "ما بعَثَ اللهُ نبيًّا إلَّا أخَذَ عليه الميثاقَ: لَئِنْ بُعِثَ محمَّدٌ، وهو حَيٌّ؛ لَيُومِنَنَّ بِهِ وَلَيَنْصُرَنَّهُ، وأمَرَهُ أنْ يأخُذَ على أُمَّتِهِ المِيثَاقَ: لَئِنْ بُعِثَ محمَّدٌ، وهم أحياءٌ؛ لَيُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَيَنْصُرُنَّهُ" (٢).

وقد كان النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يُكاتِبُ الناسَ برسالتِه، ويأمُرُهم بإجابتِهِ عليها؛ فيَبعَثُ إلى اليهودِ والنصارى، والصابِئةِ والمشرِكين، ويَبعَثُ إلى العرَبِ والعجَم، والأحمَرِ والأبيَضِ والأسوَد، ولم يفرِّقْ بينَهم في الخطابِ إلا بما يُوجِبُ تركَ ما كانوا عليه مِن دِينٍ سابق؛ فكلُّ داخلٍ في الإسلامِ، فإنه يجبُ عليه أن يدَعَ ما كان عليه قبلَ ذلك.

فالله أمَرَ اليهودَ والنصارى باتباعِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وهم أقرَبُ الأممِ إلى أمَّةِ محمَّد، وكتُبُهم أقرَبُ الكتبِ المنزَّلةِ إلى القرآن؛ قال تعالى: {يَاأَيُّهَا


(١) البخاري (٣٣٥ و ٤٣٨)، ومسلم (٥٢١) من حديث جابر.
(٢) "تفسير ابن كثير" (٣/ ١٠٠ و ١٣/ ٥٤٦)، وعزاه الحافظ في "فتح الباري" (٦/ ٤٣٤) للبخاري.

<<  <   >  >>