وعدَمَ تأويلِها، هو أخذٌ بلوازمِ الجِسْميَّةِ والتحيُّز، ثم فرَّعوا عن ذلك إحاطةَ المخلوقِ بالخالِق، وغيرَ ذلك مِن التصوُّراتِ.
وإنما حمَلَهُمْ على ذلك لوازمُ التشبيهِ؛ فالمخلوقُ حينما تُثبِتُ له صفةً حقيقيَّةً، فأنت تُثبِتُ له هذه الأشياءَ واللوازمَ، فأرادوا نفيَ حقيقةِ الصفاتِ وتعطيلَها؛ هروبًا مِن تشبيهٍ انقدَحَ في أذهانِهم، فوقَعُوا فيما أنكَرُوهُ على مَن أثبَتَ الحقيقةَ اللائقةَ بالله؛ حيثُ زعَمُوا أنَّهم يشبِّهونَ المخلوقَ بالخالِقِ للاشتراكِ في الحقيقةِ واللوازم.
والسلفُ حينما يقولونَ: إنَّ لصفاتِ اللهِ حقيقةً لا تشابِهُ حقيقةَ صفاتِ المخلوقِينَ، فإنَّهم تبعًا لذلك لا يَلتزِمُونَ بشيءٍ غيرِ ما ورَدَ، وإنْ صحَّ لازمٌ عندهم، فإنَّهم يَجعَلُونَ اللوازمَ لا تشابِهُ لوازمَ المخلوق؛ فلا يُحمَّلُ قولُهم ما لا يَحتمِلُونَه، وهم جعَلُوهُمْ يقولونَ بلوازمَ تشابِهُ المخلوقَ، فرجَعُوا إلى الحقيقةِ بالنفيِ التامّ.