للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النعيمِ والعذاب، ويَعرِفُوا مقدارَ ذلك، وإذا جاءَتْهم رحمةٌ مِن الله، عرَفُوا قَدْرَها؛ قال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (٦) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (٧) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (٨) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (٩) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (١٠) نَارٌ حَامِيَةٌ} [القارعة: ٦ - ١١].

وتُوزَنُ جميعُ الأعمالِ؛ ويَجعَلُ اللهُ لكلِّ عمَلٍ وزنًا بالعَدْل، وفي "الصحيح" قال -صلى الله عليه وسلم-: (الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانْ، وَالحَمْدُ للهِ تَمْلَأُ المِيزَانْ، وَسُبْحَانَ اللهِ وَالحَمْدُ للهِ تَمْلَأَانِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ" (١).

وتُوزَنُ كدلك الأبدانُ؛ كما في الحديثِ: (يُؤْتَى يَوْمَ القِيَامَةِ بِالرَّجُلِ السَّمِين، فَلَا يَزِنُ عِنْدَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ)، ثُمَّ قرَأَ: {فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} [الكهف: ١٠٥] (٢)، وفي فضلِ ابنِ مسعودٍ قال -صلى الله عليه وسلم-: (أَتَعْجَبُونَ مِنْ دِقَّةِ سَاقَيْهِ؟ ! فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِه، لَهُمَا فِي المِيزَانِ أَثْقَلُ مِنْ أُحُدٍ) (٣).

وكذلك تُوزَنُ الكُتُبُ؛ كما في حديثِ صاحبِ البطاقة، وفيه: (فَطَاشَتِ السِّجِلَّاتُ، وَثَقُلَتِ البِطَاقَةُ) (٤).

ولا يثبُتُ في حجمِ المِيزَانِ حديثٌ، وقد رُوِيَ أنَّ له كِفَّتَيْنِ؛ لظاهرِ حديثِ عمرِو بنِ العاصِ؛ وهو حديثُ البطاقةِ، وفيه: (فَتُوضَعُ السِّجِلَّاتُ فِي كِفَّةٍ، وَالْبِطَاقَةُ فِي كِفَّةٍ؛ فَطَاشَتِ السِّجِلَّاتُ) (٥)؛ وبهذا يقولُ الأكثَرُ، وحكى أبو إسحاقَ الزَّخَّاجُ الإجماعَ على ذلك (٦).


(١) مسلم (٢٢٣) من حديث أبي مالك الأشعري.
(٢) البخاري (٤٧٢٩)، ومسلم (٢٧٨٥) من حديث أبي هريرة.
(٣) أحمد (١/ ٤٢٠ رقم ٣٩٩١)، وابن حبان (٧٠٦٩).
(٤) الترمذي (٢٦٣٩)، وابن ماجه (٤٣٠٠) من حديث عبد الله بن عمرو.
(٥) الموضع السابق.
(٦) "فتح الباري" (١٣/ ٥٣٨).

<<  <   >  >>