للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والصراطُ حَقٌّ باتفاقِ السلف، وهو جِسْرٌ مورودٌ على متنِ جهنَّمَ، وهو المرادُ بقولِهِ تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: ٧١]؛ يعني: جهنَّمَ، والورودُ يكونُ على الصراطِ، لا يَصِلُ أحدٌ إلى مكانِهِ مِن الجَنَّةِ إلا مِن فوقِهِ إنْ كان مؤمِنًا، وإنْ كان غيرَ مؤمِنٍ، فيسقُطُ ويَهلِكُ مع الهالِكِين، وفي "الصحيحَيْن" مِن حديثٍ طويلٍ، فيه: (وَيُضْرَبُ جِسرُ جَهَنَّمَ)، قال رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُجِيزُ، وَدُعَاءُ الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ: اللَّهُمَّ، سَلِّمْ سَلِّمْ، وَبِهِ كَلَالِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ؛ أَمَا رَأَيْتُمْ شَوْكَ السَّعْدَانِ؟ ! قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ الله، قَالَ: فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، غَيْرَ أَنَّهَا لَا يَعْلَمُ قَدْرَ عَظَمَتِهَا إِلَّا اللهُ تَعَالَى، فَتَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ، مِنْهُمُ المُوبَقُ بِعَمَلِهِ، وَمِنْهُمُ المُخَرْدَلُ، ثُمَّ يَنْجُو ... ) (١)؛ الحديثَ.

ويَمُرُّ الناسُ عليه بحسَبِ إيمانِهم، وسُرْعةُ سقوطِهم بمقدارِ كُفْرِهم وفجورِهم، وأثبَتُ الناسِ على صراطِ الدنيا أثبَتُهُمْ وأسرَعُهُمْ على صراطِ الآخرة؛ كما في "الصحيحَيْنِ" في الحديثِ؛ قال: (المُؤْمِنُ عَلَيْهَا كَالطَّرْفِ، وَكَالبَرْقِ، وَكَالرِّيحِ، وَكَأَجَاوِيدِ الخَيْلِ وَالرِّكَابِ؛ فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ، وَنَاجٍ مَخْدُوشٌ، وَمَكْدُوسٌ فِي نَارِ جَهَنَّمَ؛ حَتَّى يَمُرَّ آخِرُهُمْ يُسْحَبُ سَحْبًا) (٢).

وهو دقيقٌ مَزلَّةُ قدَمٍ إلا لمن ثبَّته اللهُ؛ كما قال ابنُ مسعودٍ: "وَالصِّرَاطُ كَحَدِّ السَّيْفِ، دَحْضُ مَزِلَّةٍ" (٣)، وقال سَلْمانُ: "إنه كحَدِّ المُوسَى" (٤).


(١) البخاري (٦٥٧٣)، ومسلم (١٨٢) من حديث أبي هريرة.
(٢) البخاري (٧٤٣٩)، ومسلم (١٨٣) من حديث أبي سعيد.
(٣) "تعظيم قدر الصلاة" (٢٧٨). وقد روي عنه مرفوعًا.
(٤) ابن أبي شيبة (٣٥٣٣٥)، وابن الأعرابي (١٨٢٧). وقد رُوِي عنه مرفوعًا.

<<  <   >  >>