للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

البَرَاءِ؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: (فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ شَدِيدًا الانْتِهَار، فَيَنْتَهِرَانِهِ وَيُجْلِسَانِه، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ مَا دِينُكَ؟ مَنْ نَبِيُّكَ؟ وَهِيَ آخِرُ فِتْنَةٍ تُعْرَضُ عَلَى المُؤْمِنِ؛ فَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ اللهُ -عز وجل-: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم: ٢٧]، فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللهُ، وَدِينِيَ الإِسْلَامُ، وَنَبِيِّيَ مُحَمَّدٌ -صلى الله عليه وسلم-؛ فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَنْ صَدَقَ عَبْدِي) (١).

وأمَّا عذابُ القَبْرِ: فهو حقٌّ كذلك؛ ثبَتَ فيه الدليلُ مِن وجوهٍ كثيرةٍ، وقد أخبَرَ به الأنبياءُ مِن قبلُ، وثبَتَ به النصُّ في الكتابِ والسُّنَّة؛ قال تعالى: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: ٤٦]، وفي "الصحيحَيْن" أيضًا: أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- كان يقولُ في دعائِهِ في الصلاةِ: (اللَّهُمَّ، إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ) (٢).

وعذابُ القبرِ: يَلحَقُ الكافِرِينَ ومَن شاء اللهُ مِن المسلِمِينَ المقصِّرينَ، وقد مَرَّ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- بقَبْرَيْنِ؛ فقال: (إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَان، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ) (٣)، وهذان مُسلِمانِ؛ فلو كانا كافِرَيْن، لكان عذابُهما على الكفرِ أَوْلى مِن عَذَابِهما على البَوْلِ والنَّمِيمة، ولم يَتَّخِذِ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- سَبَبًا للتخفيفِ عنهما.

وقد ذكَرَ ابنُ أبي زَيْدٍ في "جامِعِهِ": "أَنَّ النَّاسَ يُضْغَطُونَ ويُبْلَوْنَ، ويُثَبِّتُ اللهُ مَنْطِقَ مَنْ أَحَبَّ تَثْبِيتَهُ" (٤).


(١) سبق تخريجه قريبًا.
(٢) البخاري (٨٣٢)، ومسلم (٥٨٩) من حديث عائشة.
(٣) البخاري (٢١٦)، ومسلم (٢٩٢) من حديث ابن عباس.
(٤) "الجامع" (ص ١١٢).

<<  <   >  >>