للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بهم وسيلة، والأخذُ بآثارِهِمْ فضيلة" (١).

ولا يقَعُ فيهم إلَّا مبتلًى في دِينِه.

ومَن طعَنَ في الصحابةِ أو في واحدٍ منهم، فلا يخلو مِن الوقوعِ في البِدْعَتَيْنِ: امَّا الكبرى المكفِّرة، وإمَّا الصغرى المضلِّلةِ:

أمَّا البِدْعةُ الكبرى المكفِّرةُ: فكمَن تنقَّصَهم، أو سبَّهم في شيءٍ ثبَتَ بالتواتُرِ خلافُه؛ وهذا كمَن سَبَّ جميعَ الصحابةِ أو عامَّتَهم؛ فهذا أراد صُحْبَتَهم، ولم يُرِدْ أعيانَهم، ولو زعَمَ خلافَ ذلك، وفضلُهُمْ جميعِهم أو عامَّتِهِمْ متواتِرٌ لا خلافَ فيه.

ومثلُ ذلك: مَن طعَنَ في عِرْضِ عائشةَ، واللهُ قد برَّأها في القرآن، ونحوُ ذلك، أو طعَنَ في المهاجِرِينَ أو الأنصار، أو مَن بايَعَ تحت الشَّجَرةِ، أو طعَنَ في عمومِ أهلِ بَدْرٍ وأُحُدٍ؛ فأولئك تواتَرَ فضلُهُمْ وثبَت؛ فالطعنُ في جميعِهِمْ أو عامَّتِهم كُفْرٌ.

ومثلُهُ: الطعنُ في واحدٍ تواتَرَ فضلُهُ كأبي بكرٍ، وعُمَرَ، وعائشةَ؛ قال مالك: "مَنْ سَبَّ عائشةَ، قُتِلَ، قيل له: لِمَ؟ قال: مَنْ رَمَاهَا، فقد خَالَفَ القرآنَ" (٢).

وقد جاء عن أحمدَ: أنَّه سُئِلَ عمَّن يشتُمُ أبا بكرٍ وعُمَرَ وعائشةَ؛ رضي الله عنهم أجمعين؟ فقال: "ما أُرَاهُ على الإسلامِ" (٣).

وقد جَعَل اللهُ مَن حَمَل غيظًا في قلبِه على الصحابةِ كافرًا، كما في قولِه تعالى: {لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّار} [الفتح: ٢٩]؛ وبهذا استدَلَّ مالكٌ (٤)


(١) انظر: "طبقات الحنابلة" (١/ ٦٣ - ٦٤).
(٢) "مسند الموطأ" (٨٧)، و"المحلى" (١١/ ٤١٤ - ٤١٥).
(٣) "السُّنَّة" للخلال (٧٧٩ و ٧٨٢).
(٤) "السُّنَّة" للخلال (٧٦٠).

<<  <   >  >>