للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أخَذَ بعلمِ الكلامِ ممَّن لم يَجْرِ مجرى المعتزِلةِ، وإنَّما رَدَّ عليهم؛ كأبي الحسَنِ الأشعريِّ، فضلًا عن الفلاسفةِ المشَّائِينَ وأشباهِهم مِن المَشارِقةِ؛ كيعقوبَ بنِ إسحاقَ الكِندِيِّ.

وإنْ كان في المغرِبِ فلاسفةٌ؛ كابنِ مَسَرَّةَ الجبليِّ بقُرْطُبةَ مِن أتباعِ أَنْبَاذوقْلِيسَ أحدِ حُكَماءِ اليونانِ السَّبْعةِ، وكان يزعُمُ الانتسابَ إلى مذهبِ مالكٍ، واختصَرَ "المدوَّنة"، وكان يَحفَظُ مسائِلَها ويسرُدُها، وهو مِن فلاسفةِ المتصوِّفة، وتَبِعَهُ تلامذةٌ نُدْرةٌ على مذهَبِهِ؛ كمحمَّدٍ الخَوْلانيِّ ابنِ الإمام، وعبدِ العزيزِ بنِ حَكَمٍ، وكان الخليفةُ يَتتبَّعُ أتباعَهُ بالحَبْسِ والنفي.

وقد رَدَّ ابنُ أبي زَيْدٍ القَيْرَوانيُّ على ابنِ مَسَرَّةَ في كتابِه "الرَّدِّ على ابنِ مَسَرَّةَ المارقِ"، وبَقِيَ مذهبُ ابنِ مَسَرَّةَ في المغربِ، وهو الذي آلَ إليه ابنُ عَرَبيٍّ في القرنِ السادسِ بالأَندَلُس.

وكذلك: فإنَّ فيهم معتزِلةً قليلِينَ؛ كخليلِ بنِ عبد الملكِ بنِ كُلَيْبٍ القرطبيِّ، المعروفِ بخليلِ الغَفْلة، وقد شدَّد عليه جماعةٌ؛ كبَقِيِّ بنِ مَخْلَدٍ، وابنِ وضَّاح.

ومِن المعتزِلةِ: أبو طالبٍ شيخُ المعتزِلةِ ولسانُهم، وفيهم أهلُ خُرَافةٍ في الكَرَاماتِ؛ كأبي القاسمِ البَكْريِّ الصِّقِلِّيِّ القيروانيِّ، وقد رَدَّ عليه ابنُ أبي زَيْدٍ بكتابِهِ: "الرَّدِّ على البَكْريَّة".

وليس لهؤلاءِ المبتدِعةِ كُتُبٌ، وإنما هي أقوالٌ تفوَّهوا بها.

وقد كتَبَ ابنُ أبي زيدٍ القَيْرَوانيُّ إلى الباقلَّانيِّ -مع كونِ ابنِ أبي زيدٍ أسَنَّ منه- يسألُهُ عن الكَرَاماتِ لِعِلْمِهِ بأقوالِ المعتزِلة، وردِّه عليهم؛ حيث نُسِبَ ابنُ أبي زَيْدٍ في "ردِّه على البَكْريِّ" بمشابَهةِ قولِ المعتزِلةِ

<<  <   >  >>