للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما سيأتي (١) في مسند ابن عمر.

والغرض: أنَّ الإمام أحمد زاد في آخر هذا الحديث: فلمَّا كان في عهد عمرَ طلَّق نساءَه وقَسَمَ مالَهُ بين بنيه، فبلغ ذلك عمرَ، فقال: إنِّي لأظنُّ الشيطانَ فيما يَستَرِقُ من السَّمع سَمِعَ بموتِكَ، فقَذَفَهُ في نفسِكَ، ولعلَّك لا تَمكثُ إلا قليلاً، وايمُ اللهِ، لَتُراجِعنَّ نساءَك، ولَتُرجِعنَّ مالَكَ، أو لأُوَرِّثَهنَّ منك، أو لآمُرنَّ بقبرك أنْ يُرجَمَ كما رُجِمَ قبرُ أبي رِغَال.

قلت: وأبو رِغَال كان رجلاً من ثمود، وكان قد لجأ إلى الحَرَم عند هلاكِ قومِهِ، فلمَّا خَرَج منه أصابَه حَجَرٌ من السماء، فمات، فلمَّا مَرَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بقبرِهِ، أَخبَرَهم بشأنِهِ، وأَعلَمَهم أنَّ معه غُصنًا من ذَهَب، فنَبَشوا عنه وأخذوه.

وهذا الحديث في «سنن أبي داود» (٢)،


(١) يعني: في كتابه «جامع المسانيد والسُّنن»، ولم أجده في القسم الذي أخرجه قلعجي.
(٢) (٣/ ٥١٧ رقم ٣٠٨٨) في الخراج والإمارة، باب نبش القبور العارية يكون فيها المال.
وهو حديث يَرويه إسماعيل بن أميَّة، وقد اختُلف عليه في وَصْله وإرساله:
فقيل: عنه، عن بُجَير بن أبي بُجَير، عن عبد الله بن عمرو!
وقيل: عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم!

أما الوجه الأول: فأخرجه أبو داود -كما سبق-، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٩/ ٣٧٢ رقم ٣٧٥٣، ٣٧٥٤) والبيهقي (٤/ ١٥٦) من طريق محمد بن إسحاق. وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (٣/ ١٨٩ رقم ١٥٢٦) والطحاوي في «شرح المشكل» (٣٧٥٣) وابن حبان (١٤/ ٧٨ رقم ٦١٩٨ - الإحسان) من طريق رَوْح بن القاسم. كلاهما (محمد بن إسحاق، ورَوْح بن القاسم) عن إسماعيل بن أميَّة، عن بُجَير بن أبي بُجَير، عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول حين خرجنا معه إلى الطائف، فمررنا بقبر، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «هذا قبرُ أبي رِغَال، وكان بهذا الحَرَمِ يُدفَعُ عنه، فلمَّا خَرَج أصابته النِّقمة، التي أصابت قومَهُ بهذا المكان، فدُفِنَ فيه، وآيةُ ذلك أنه دُفِنَ معه غصنٌ من ذهبٍ، إنْ أنتم نَبَشتُم عنه أَصبتُمُوهُ معه»، فابتَدَره الناسُ، فاستَخرجوا الغصنَ.
قال المؤلِّف في «البداية والنهاية» (١/ ٣١٨): تفرَّد به بُجَير بن أبي بُجَير هذا، ولا يُعرف إلا بهذا الحديث، ولم يرو عنه سوى إسماعيل بن أميَّة، قال شيخنا: فيحتمل أنه وَهِمَ في رفعه، وإنما يكون من كلام عبد الله بن عمرو من زَامِلَتَيه، والله أعلم. اهـ.
وأما الوجه الثاني: فأخرجه معمر في «جامعه» الملحق بـ «المصنَّف» (١١/ ٤٥٤ رقم ٢٠٩٨٩) عن إسماعيل بن أميَّة، مرسلاً! وهذا أصح.

<<  <  ج: ص:  >  >>