للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما طلبت أم بشر بن غياث المريسي (١) الخبيث المعتزلي من الإمام الشافعي (٢) رضي اللَّه عنه أن ينهاه عن هواه قال له أخبرني عما تدعو اليه أكتاب ناطق؟ أم فرض مفترض، أم سنة قائمة؟ أم وجوب عن السلف البحث فيه، والسؤال عنه؟ قال بشر: ليس فيه كتاب ناطق ولا فرض مفترض ولا سنة قائمة ولا وجوب عن السلف البحث فيه، والسؤال عنه إلا أنه لا يسعنا خلافه. فقال له الإمام الشافعي رضي اللَّه عنه: أقررت على نفسك بالخطأ فأين أنت عن الكلام في الفقه والأخبار يواليك الناس عليه فلم يفعل فلما خرج بشر عن عند الشافعي قال الشافعي رضي اللَّه عنه: هذا رجل لا يفلح (٣) فجزم له بعدم الفلاح.

وكذلك قال سيدنا الإمام أحمد (٤) رضي اللَّه عنه: عليكم بالسنة والحديث وما ينفعكم وإياكم والخوض والمراء (٥) فإنه لا يفلح عن أحب الكلام.

وقال رضي اللَّه عنه في علماء أهل البدع عن المتكلمة: لا أحب لأحد أن


(١) بشر بن غياث المريسي كان من أصحاب الرأي أخذ الفقه عن أيى يوسف القاضي إلا أنه اشتغل بعلم الكلام وجدَّ في القول بخلق القرآن وناظر عليه واحتج له ودعا إليه وحكي عنه أقوال شنيعة ومذاهب مستنكرة من ذلك القول بخلق القرآن وتعطيل صفات اللَّه ورده للأحاديث الثابتة في الرؤية وغيرها، توفى سنة ٢١٨ هـ.
تاريخ بغداد (٧/ ٥٦ - ٦٧)؛ والميزان (١/ ٣٢٢).
(٢) تقدم (١/ ١٧٤).
(٣) النص في تاريخ بغداد (٧/ ٥٩)، وفي مناقب الشافعي للبيهقي (١/ ٢٠٤)، وفي الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية (١/ ٤٤٨).
(٤) تقدم (١/ ١١١).
(٥) المراء: الجدال، والتماري والمماراة المجادلة على مذهب الشك والريبة ويقال للمناظرة مماراة لأن كل واحد منهما يستخرج ما عند صاحبه ويمتر به كما يمتري الحالب اللبن من الضرع. النهاية (٤/ ٣٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>