للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الملك (١) الأموي وكان معدودًا من خطباء العرب المشهورين بالفصاحة والبلاغة وكان جوادًا كثير العطاء، وفيه يقول بعض الشعراء (٢):

تبرعت لي بالجود حتى نعشتني ... وأعطيتني حتى حسبتك تلعب

فأنت الندى وابن الندى وأبو الندى ... حليف الندى ما للندى عنك مذهب

ولكن (٣) المعتزلة وإن وافقوا جهما على بعض ذلك فهم يخالفونه في مسائل غير ذلك كمسائل الإيمان والقدر وبعض مسائل الصفات أيضًا, ولا يبالغون في النفي مبالغته، وهو يقول إن اللَّه تعالى لا يتكلم ويقول: إنه يتكلم بطريق المجاز.

وأما المعتزلة فيقولون: إنه يتكلم حقيقة لكن قولهم في المعنى هو قول جهم وجهم ينفي الأسماء كالصفات كما نفتها الباطنية ومن وافقهم من الفلاسفة.

وأما جمهور المعتزلة فلا ينفون الأسماء.

والمقصود أن قوله تعالى: {مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ} [الأنعام: ١١٤] فيه بيان أنه منزل من اللَّه لا من مخلوق.

ولهذا قال السلف منه بدأ أي هو الذي تكلم به لم يبتد من غيره كما قالت الخلقية (٤)، ومنها أن قوله: {مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ} فيه بطلان قول من يجعله فاض


(١) هشام بن عبد الملك بن مروان من خلفاء الدولة الأموية في الشام، ولد في دمشق وبويع فيها، كان حسن السياسة يقظًا في أمره يباشر الأعمال بنفسه، مات سنة ١٢٥ هـ. الأعلام (٨/ ٨٦).
(٢) الأبيات في: السير (٥/ ٤٢٨)؛ وفي البداية (١٠/ ٢٠)؛ وفي مختصر تاريخ دمشق (٧/ ٣٧٩)؛ وفي وفيات الأعيان (٢/ ٢٢٧) في ترجمة خالد.
(٣) عود إلى كلام شيخ الإسلام ابن تيمية. انظر: مجموع الفتاوى (١٢/ ١١٩).
(٤) الخلقية: أي الذين يقولون إن القرآن مخلوق وهم المعتزلة ومن وافقهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>