للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن (١) السعادة والهدى في متابعة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأن الضلال والشقاء في مخالفته، وأن كل خير في الوجود (من عام وخاص) (٢) فمنشأه من جهة الرسول وأن كل شر بالعالم وكل شر يختص بالعبد فسببه مخالفة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- والجهل بما جاء به. وأن سعادة العباد في المعاش والمعاد باتباع الرسالة، وهي ضرورية للعباد ولا بد لهم منها وحاجتهم إليها فوق حاجتهم إلى كل شيء وهي روح العالم ونوره وحياته فلا صلاح للعالم إذا عدم الروح والحياة والنور، والدنيا مظلمة ملعونة كلها إلا ما طلعت عليه شمس الرسالة (٣)، وكذلك العبد ما لم تشرق في قلبه شمس الرسالة ويناله من


(١) ساقطه في "ظ".
(٢) كذا في النسختين وفي الفتاوى إما عام وإما خاص.
(٣) جاء في الحديث: "الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر اللَّه وما والاه أو عالما أو متعلمًا.
رواه ابن ماجة في سننه رقم (٤١١٢) (ج ٢/ ١٣٧٧)؛ والترمذي في جامعه رقم (٢٣٢٢) (ج ٤/ ٥٦١) عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال الترمذي: حديث حسن غريب. وحسنه الشيخ ناصر الألباني في صحيح الجامع رقم (٣٤٠٨).
وجاء في القرآن والسنة ما يدل على ذم الدنيا وحقارتها وقد ظن بعض الناس أن المذموم هو الموجودات التي خلقت للمنافع فتركوا ما يصلح أحوالهم من طعام وشراب وملبس وبناء وهذا فهم خاطئ فإن المذموم هو جعل الدنيا غاية حياة الإنسان والتعلق بها حتى لا يكون له هم إلا مطعمه ومشربه وملبسه ومنصبه وأمواله.
أما الآخرة والسعي لها فلا مكان لها في حياته هذا هو المذموم من الدنيا.
وأما السعي المشكور فهو سعي من أراد الآخرة وسعي لها سعيها ولم ينس نصيبه من الدنيا فهو بهذا قد وازن بين مطالب الروح والجسد وأعطى لجسمه حقه ولربه حقه.
فمفهوم ذم الدنيا يعني ألا يتعلق قلب العبد بشيء من شهواتها وألا تسيطر عليه فتنها وملذاتها وألا يتحرك فيها إلا من خلال منهج اللَّه تبارك وتعالى وأن يكون هدفه أن يتزود من دنياه لآخرته فيتمتع بما أحل اللَّه وينعم بالطيبات من الرزق من غير إسراف ولا تقتير كما قال تعالى {يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا} [البقرة: ١٦٨]. وقال تعالى {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف: ٣٢] =

<<  <  ج: ص:  >  >>