للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضًا فإنه قال عقب هذه الآية {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} [النحل: ١٠٣].

وهم كانوا يقولون: إنما يعلمه هذا القرآن العربي بشر لم يكونوا يقولون إنما يعلمه بشر معانيه فقط.

بدليل قوله: {لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ}.

وعبر عن هذا بـ (يلحدون) لما تضمن من معنى ميلهم عن الحق، وميلهم إلى هذا الذي أضافوا إليه القرآن، فإن لفظ الإلحاد يقتضي ميلًا عن شيء إلى شيء بباطل.

وقد اشتهر في التفاسير: أن بعض الكفار كانوا يقولون إن محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- تعلم القرآن من شخص كان بمكة أعجمي قيل: إنه كان مولى لابن الحضرمي (١).

فإذا كان الكفار جعلوا الذي يعلمه ما نزل به روح القدس بشرًا واللَّه أبطل ذلك بأن لسان ذلك أعجمي، وهذا لسان عربي مبين.

علم أن روح القدس نزل باللسان العربي المبين وأن محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يؤلف نظم القرآن بل سمعه من روح القدس، وإذا كان روح القدس نزل به من اللَّه علم أنه سمعه منه لم يؤلفه هو، وهذا بيان من اللَّه أن القرآن الذي هو باللسان العربي المبين سمعه روح القدس من اللَّه رب العالمين ونزل به منه (٢) " وهذا بين وللَّه الحمد.

وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أيضًا في شرح الأصفهانية (٣).


(١) انظر: تفسير ابن كثير والبغوي (٥/ ٩١).
(٢) مجموع الفتاوى (١٢/ ١٢٤).
(٣) شرح العقيدة الأصفهانية (ص ٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>